فأجبته:
قُلْ للإمامِ مهذِّبِ الأشعارِ ... مُنْشِي القَريضِ ومُسْنِدِ الأخبارِ
تفديكَ نفسي يا أديبَ زمانِنا ... يا ذا الحِجَى يا عالِيَ المقدارِ
مَنْ قال عَنِّي يا همامُ بأنني ... أُزْري بأهلِ الفضل والآثارِ
عَجَباً لمن أضحى فريداً في الورى ... يُصْغي لقولِ مُفَنِّدٍ مكَّار
مقصودُه وَشْيُ الحديثِ ووضعُهُ ... فقبِلْتَهُ من غيرِ ما إنكارِ
وغدوتَ مفتخراً على صَبٍّ إذا ... جَنَّ الظلامُ بَكى منَ الأكدارِ
ورشقتَهُ بسهامِ نظمِك مُزْدَرٍ ... للناس بالتحقيرِ والإصغارِ
هَبْ أن سَفَّارينَ لم تُخْرِجْ فَتًى ... ذا فطنةٍ بنتائج الأفكارِ
أيُباحُ عُجْبُ المرءِ يا مولايَ في ... شرعِ النبيِّ المصطفى المُختارِ
لا زلتَ في أَوْجِ المكارِم راقياً ... تُنشي القريضَ بهيبةٍ ووَقارِ
ما حَرَّكَ الشوقَ التليد صبابةً ... صَدْحُ الحَمام ونغمةُ الهَزَّارِ
فجاء واعتذر، ولكني لم أقبل عذره، فجاء يوماً بابنه، وقال له: قم قَبِّل يدَ عمك ليسمحَ لأبيك عما بدر منه، فقلت له: أنا أرجو منك السماح (?).
وبالجملة: فقد جمع هذا الإمامُ بين الأمانة والفقه، والديانة والصيانة، وفنون العلم والصدق، وحسن السَّمْتِ والخلق والتعبُّد، وطولِ الصمت عَمّا لا يعني، وكان محمودَ السيرة، نافذَ الكلمة، رفيعَ المنزلة عندَ الخاصِّ والعام, سخيَّ النفس، كريماً بما يملك، مُهابًا مُعظماً، عليه أنوارُ العلم بادية (?).
* * *