(عن) أُمِّ المؤمنين (عائشةَ) الصدِّيقةِ (-رضي اللَّه عنها-)، قالت: (إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يعتكفُ العشرَ الأواخرَ من رمضانَ حتى تَوَفَّاه اللَّهُ -عزَّ وجلَّ-).
في هذا الحديث: دليلٌ على استحباب الاعتكاف، وأنه لم يُنسخ، ولا سيما في رمضان، وخصوصًا في العشر الأواخر.
وفيه: تأكيدُ الاستحباب بما أشعر به اللفظُ من المداومة، وبما صرَّحَ به في الرواية الأخرى من قولها: في كل رمضان. وبما دل عليه من عمل أزواجه من بعده: قولها: (ثم اعتكف أزواجُه) -صلى اللَّه عليه وسلم- (من بعده) (?).
وقد روى أَبو الشيخُ بنُ حيان من حديث الحسينِ بنِ عليٍّ -رضي اللَّه عنهما- مرفوعًا: "اعتكافُ عشرٍ في رمضانَ بحجتين وعُمرتين"، وهو ضعيف (?).
وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أَذِنَ لأزواجه في الاعتكاف، وأما إنكارُه عليهنَّ الاعتكاف بعدَ الإذن؛ كما في الصحيح (?)، فلمعنى آخر؛ قيل: خاف أن يَكُنَّ غير مخلصات في الاعتكاف، بل أردنَ القربَ منه؛ لغيرتهنَّ عليه، أو ذهابَ المقصود من الاعتكاف بكونهنَّ معه في المعتَكَف، أو لتضييقهنَّ المسجدَ بأبنيتهنَّ.
وعند الإمام أبي حنيفة: إنما يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وهو الموضع المهيأ في بيتها لصلاتها (?).