فعلى الرواية الأولى يكون استثناء الصوم من الأعمال المضاعفة، فتكون الأعمال كلها تُضاعف بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف، إلا الصيام، فإنه لا ينحصر تضعيفُه في هذا العدد، بل يضاعفه اللَّه أضعافًا كثيرة بغير حصر عددٍ؛ فإن الصيام من الصبر، وقد قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، ولهذا ورد عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه سمى شهرَ رمضانَ: شهرَ الصبر (?)، وفي رواية عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الصومُ نصفُ الصبر" خرجه الترمذي (?).
والصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة اللَّه، وصبرٌ عن محارم اللَّه، وصبرٌ على أقدار اللَّه المؤلمة، وتجتمع الثلاثة كلها في الصوم؛ فإن فيه صبرًا على طاعة اللَّه، وصبرًا عما حرم اللَّه على الصائم من الشهوات، وصبرًا على ما يحصل للصائم [فيه] من ألم الجوع والعطش، وضعفِ النفس والبدن (?).
قال الحافظ ابن رجب في كتابه "لطائف المعارف": ومن أحسن ما قيل على الرواية الثالثة (?)؛ من كون الاستثناء يعود إلى التكفير بالأعمال: ما قاله سفيان بن عيينة -رحمه اللَّه تعالى-؛ حيث قال: إن هذا من أجود الأحاديث وأحكمها، فإذا كان يومُ القيامة، يحاسبُ اللَّه عبده، ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله، حتى لا يبقى إلا الصومُ، فيتحمل اللَّه -