البيت! ما أنا قلتُ: مَنْ أدركه الصبحُ وهو جنبٌ فلا يصمْ، محمدٌ وربِّ الكعبةِ قاله (?).

وإنما حلف أَبو هريرة، مع أنّه لم يسند سماعه من النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما أسنده للفضل وأسامة؛ لشدة وثوقه بخبرهما (?)، ثمَّ إن أبا هريرة -رضي اللَّه عنه- رجع عن مقالته، وقال: هما -يعني: عائشة، وأم سلمة- أعلمُ، وتركَ حديثَ الفضلِ وأسامةَ، ورآه منسوخًا؛ فإن حديث عائشة وأم سلمة يرجَّحُ على غيره؛ لأنّهما رأتا ذلك عن مشاهدة؛ بخلاف غيرهما، ولأنّ حديثهما أقوى إسنادًا من حديث الرجحان؛ لأنّه جاء عنهما من طرق كثيرة جدًا بمعنى واحد، حتّى قال ابن عبد البر: إنّه صح، وتواتر، وأمّا أَبو هريرة، فأكثرُ الروايات عنه أنّه كان يفتي به، ولم يسمع ذلك من النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما سمعه عنه بواسطة الفضل وأسامة بن زيد -رضي اللَّه عنهما- (?)، وقد اتفق الفقهاء على العمل بهذا الحديث، وصار ذلك إجماعًا، أو كالإجماع، كما قال ابن دقيق العيد (?).

وفي "الفروع" للعلامة ابن مفلح: ومن أصبح جنبًا، ثمَّ اغتسل، صحَّ صومُه؛ وفاقًا، مع أنّه يُسن قبلَ الفجر، وعليه يُحمل نهيُه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو أنّه منسوخ؛ لأنّ اللَّه تعالى أباح الجماع وغيرَه إلى طلوع الفجر، احتج به ربيعةُ، والشّافعيّ، وجماعة، ولفعله -صلى اللَّه عليه وسلم-، متفق عليه.

وكذا إن أخره يومًا، صحَّ، وأثمَ؛ وِفاقًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015