السمراء؛ يعني: الحنطة، فإنّه يدلّ على أنّها لم تكن قوتًا لهم قبل هذا.
ثمَّ قال: ولا نعرف في القمح خبرًا ثابتًا عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نعتمد عليه، ولم يكن البُرُّ يومئذ بالمدينة إلا الشيء اليسير منه، فكيف يتوهم أنّهم أخرجوا ما لم يكن موجودًا؟!
قال: وأمّا ما أخرجه ابنُ خزيمة، والحاكم في "صحيحيهما": أنّ أبا سعيد -رضي اللَّه عنه- قال: لا أُخرج إلا ما كنت أُخرج في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: صاع تمر، أو صاع حنطة، أو صاع شعير، الحديث، فقال له رجل: أو مُدَّين من قمح؟ فقال: لا، تلك قيمةُ معاويةَ، لا أقبلها، ولا أعمل بها، فقال ابن خزيمة بعد أن ذكره: ذكرُه الحنطةَ في خبر أبي سعيد غيرُ محفوظ، ولا أدري ممن الوهم، وقوله: فقال رجل ... إلى آخره دالٌّ على أنّ ذكر الحنطة من أوّل القصة خطأ؛ إذ لو كان أَبو سعيد أخبر أنّهم كانوا يخرجون منها على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صاعًا، لما كان الرجل يقول له: أو مُدَّين من قمح (?).
وقد أشار أَبو داود إلى هذه الرواية، وقال: إنّ ذكر الحنطة فيها غير محفوظ (?).
وتقدم حديث أبي هريرة: "أو صاع من قمح"، وفي حديث ابن صُعَير عن أبيه مرفوعًا: "أدوا صاعًا مِنْ بُرٍّ عَنْ كُلِّ إنسانٍ صغيرٍ أو كبيرٍ، حُرٍّ أو مملوكٍ، غنيٍّ أو فقيرٍ، ذكرٍ أو أنثى" رواه الدارقطني (?)، ورواه الإمام أحمد، وأبو داود، وقالا: "صاعًا من بُرٍّ عن كلِّ اثنين" (?)، وفيه النعمان