بطانتُه وموضعُ سره وأمانته، والذين يعقد عليهم في أموره، واستعار الكرش والعَيْبَة: لذلك؛ لأنَّ المجترَّ يجمع علفَه في كرشه، والرجل يضع ثيابه في عَيْبته.
وقيل: أراد بالكرش: الجماعة؛ أي: جماعتي وصحابتي، يقال: عليه كرش من النّاس؛ أي: جماعة (?)، قال: والعربُ تكني عن القلوب والصدور بالعِياب؛ لأنّها مستودَعُ السرائر؛ كما أنّ العِيابَ مستودعُ الثياب (?)، والعَيْبَة: -بفتح العين المهملة وسكون التحتية بعدها موحدة فهاء تأنيث-.
ثمَّ قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهمَّ ارْحَمِ الأنصارَ، وأبناءَ الأنصارِ، وأبناءَ أبناءِ الأنصار"، فبكى القوم حتّى أَخْضلوا لِحاهُم؛ أي: بَلُّوها، وقالوا: رضينا باللَّه ورسوله حَظًّا وقسمًا (?).
وذكر محمد بن عمر الواقديُّ: أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أراد حينئذْ دعاهم أن يكتب بالبحرين لهم خاصة بعدَه دون النّاس، وهي يومئذ أفضلُ ما فُتح عليه من الأرض، فأبوا، وقالوا: لا حاجة لنا بالدنيا بعدَك (?).
قلت: وهو عند البخاري من حديث أنس بغير تقييده بيومئذ، ففي "صحيح البخاري" عن أنس -رضي اللَّه عنه-، قال: دعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الأنصار ليكتبَ لهم بالبحرين، فقالوا: لا واللَّهِ حتّى تكتبَ لإخواننا من