وأهلُها أرقُّ النّاس قلوبًا، وأعرفُهم للحق، سماهم اللَّه: النّاس حيث قال: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] في قول.

(إنك) يا معاذُ (ستأتي قومًا أهلَ كتابٍ) لعلَّ هذا منه -صلى اللَّه عليه وسلم- كالتمهيد والتوطئة للوصية باستجماع همته في الدّعاء لهم؛ فإنّ أهلَ الكتاب أهلُ علم، ومخاطبتُهم لا تكون كمخاطبة جُهَّال المشركين وعَبَدَةِ الأوثان في العناية بها (?).

(فإذا جِئْتَهم فادْعُهم) أوّلًا (إلى) شيئين:

أحدهما: (أن يشهدوا أَنْ لا إله إلا اللَّه).

(و) الثّاني: أن يشهدوا (أنَّ محمدًا رسولُ اللَّه)، والبداءةُ في المطالبة بالشهادتين؛ لأنَّ ذلك أصل الدين الذي لا يصحُّ شيء من فروعه إلا به، فمن كان منهم غيرَ موحد على التحقيق؛ كالنصارى، فالمطالبة متوجهةٌ إليه بكل واحدة من الشهادتين عينًا.

ومن كان موحِّدًا؛ كاليهود، فالمطالبة له بالجمع بين ما أقرَّ به من التّوحيد، وبين الإقرار بالرسالة، فإن كان هؤلاء اليهود الذين كانوا باليمن عندَهم ما يقتضي الإشراكَ، ولو باللزوم، تكون مطالبتُهم بالتّوحيد لنفي ما يلزم من عقائدهم.

وقد ذكر الفقهاء أن مَنْ كان كافرًا بشيء، ومؤمنًا بغيره، لم يدخل في الإسلام إلا بالإيمان بما كفر به (?).

(فإنْ هم أطاعوا لك بذلك)؛ أي: انقادوا بما أمرتهم به، ودعوتهم إليه؛ بأن تلفَّظوا بالشهادتين، (فأخبرهم) -بفتح الهمزة-؛ من الإخبار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015