فقال السائل: أما كونُ الكتاب قد شرحه الجَمُّ الغفير من ذوي الألباب، فهذا بمنزلة الجواهر عند الملوك، فما نفع الفقير بذلك والمعدم الصعلوك، كيف ونحن بَبْلَدَحَةٍ قفراء، ومهمَهَةٍ غبراء، قد تقلصت ضروعها، وغار يَنْبوعها، وجفت علماؤها مذ جفت أناملُ كرمائها، ثم إنا ننتحل عليك بيانَ وجه الدلالة من الحديث، على الحكم الذي ذكره الحافظ من غير ترييث، وبيان اختلاف الأئمة في الأحكام، وذكر تراجم ما وقع في الكتاب من الأعلام، وما قصدنا بهذا الانتحال والاختراع، إلا العلمَ بأحوال الرجال والانتفاع.
فقلت لهم في الجواب: أجل من لم يجد ماءً يتيمم بالتراب، هذا مع اعترافي بقلة البضاعة، وعدم حذقي في هذه الصناعة، وقلة المواد، وعزة الخِل المُواد، ولكني أستمد العونَ، وتسهيلَ السبيل من الله ممد الكون، فهو حسبي ونعم الوكيل، وسميته بـ:
"كَشْفُ اللثَام شرح عمْدة الأحكام "
ولأقدمْ أمام المقصود مقدمةً تشتمل على فصلين: