الثاني: معرض لا إرادة له، ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه.
فالأول يقول: يا رب لو أعلم لك ديناً خيراً مما أنا عليه لدنت به، وتركت ما أنا عليه، ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه، ولا أقدر على غيره فهو غاية جهدي، ونهاية معرفتي.
والثاني راض بما هو عليه لا يؤثر غيره، ولا تطلب نفسه سواه، ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته، وكلاهما عاجز، ولهذا لا يجب أن يلحق بالأول لما بينهما من الفرق.
فالأول كم طلب الدين في الفترة فلم يظفر به فعدل عنه بعد استغراقه الوسع في طلبه عجزاً أو جهلاً.
والثاني كمن لم يطلبه، بل مات على شركه وإن كان لو طلبه لعجز عنه، ففرق بين عجز الطالب، وعجز المعرض فتأمل هذا الموضوع والله يقضي بين عباده يوم القيامة بعدله وحكمته، ولا يعذب إلا من قامت عليه الحجة بالرسل، فهذا مقطوع به في جملة الخلق، وأما كون زيد بعينه وعمرو قامت عليهما الحجة أم لا فذلك مما لا يمكن الدخول بين الله وعباده فيه، بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر، وأن الله سبحانه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول، هذا في الجملة، والتعيين موكول إلى علم الله تعالى، وحكم هذا في أحكام الثواب والعقاب،