والإسلام هو توحيد الله، وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان برسوله، وإتباعه فيما جاء به، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم، وإن لم يكن كافراً معانداً، وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفاراً، فإن الكافر من جحد توحيد الله تعالى، وكذب رسوله إما عناداً، وإما جهلاً وتقليداً لأهل العناد، فهذا وإن كان غايته أنه غير معاند فهو متبع لأهل العناد، وقد أخبر الله تعالى في القرآن في غير موضع بعذاب المقلدين لأسلافهم من الكفار وأن الأتباع مع متبوعيهم، فإنهم يتحاجون في النار، وإن الأتباع يقولون: {رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ} [لأعراف: 38] . وذكر آيات نحو هذه ثم قال:
نعم لا بد في هذا المقام من تفصيل به يزول الإشكال، وهو الفرق بين مقلد تمكن من العلم، ومعرفة الحق فأعرض عنه، ومقلد ل يتمكن من ذلك، والقسمان واقعان في الوجود، فالمتمكن المعرض تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله، وأما العاجز عن السؤال والعلم الذي لا يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان: -
أحدهما: مريد للهدى، مؤثر له، محب له، غير قادر عليه، ولا على طلبه لعدم مرشد، فهذا حكمه أرباب الفترات، ومن لم تبلغه الدعوة.