تتبع آثار الأنبياء، فإذا وضح لك هذا فمن أجازه فإنما أجازه على سبيل القياس، والقياس يخطئ ويصيب، وقد علمت أن منه ما هو صحيح، ومنه ما هو سقيم، ومنه ما هو محمود، ومنه ما هو مذموم، وأيضاً فقد نقل هذا المعترض عن ابن رجب رحمه الله على هذا الحديث قوله: "فمن تقرب إلى الله عز وجل بعمل لم يجعله الله ورسوله قربة فعمله باطل مردود عليه" فأين في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله الأمر باتخاذ المسابيح المحدثة سبحانك هذا بهتان عظيم، فليس في الحديث الصحيح ما يدل على ذلك بوجه من الوجوه، ولا في كلام ابن رجب ما يدل على ذلك بل يناقضه أشد المناقضة، ويخالفه أشد المخالفة، راجع شرحه لهذا الحديث في كتابه تجد غلط هؤلاء، وتصحيفهم عليه، فالحديث حجة عليهم لا لهم.
وأما قول القائل: إنها ليست بقربة إنما هي آلة لحفظ العدد المحصور في الحديث المشهور، والمسباح آلة فكيف يصير متخذه مبتدعاً إلى آخر كلامه.
فأقول اعلم وفقك الله لطاعته أن هذا القياس من أبطل القياس، وأوهنه بلا التباس،وهو منقوض عليه فإن المدافع والبنادق والصمع من جنس السلاح، فالبندق من جنس النبل يرمى بها كما يرمى بالنبل بل هي أشد نكاية في العدو، والمدفع من جنس المنجنيق يرمى به كما يرمى بالمنجنيق بل هو أشد نكاية وأعظم إرهاباً للعدو، والكل آلة للجهاد، ولا