ومن بعدهم من الصحابة رضي الله عنهم كان بالرمح والسيف والنبل، فلما حدثت المدافع والبنادق اتخذها المسلمون آلة في الجهاد يقاتلون في سبيل الله ولم ينكرها أحد من علماء الملة المحمدية، وكذلك الساعات" إلى آخر كلامه.
فالجواب أن يقال: أمر المسباح والكلام فيه أمر جزئي في جنب ما تقدم من المسائل، والكلام فيه من أسهل ما يكون لقلة الفائدة، لأن مسألة المسباح مسألة خلافية بين العلماء المتأخرين، وللعلماء فيه كلام منهم من أجازه خفيةً على الوجه المباح كما سنبينه، ومنهم من منع ذلك وقال: إن السبحة بدعة محدثة ورياء وسمعة، ولو لم يكن في المنع منها إلا سد الذريعة عن محظورات الشريعة، وسد الذريعة أصل أصيل، ومذهب جليل، فمن اتخذ المسباح فقد خالف ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر به ولم يشرعه لأمته لوم يفعله، ولو أمر به، وسنه لأمته، وشرعه، وكان فيه فضل لكان أسبق الناس إلى فعله واتخاذه، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأفاضل الصحابة رضي الله عنهم لا سيما عبد الله بن عمر فإنه كان يتحرى ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إنه كان يصلي في المكان الذي يصلي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبول في المكان الذي كان يبول فيه، وكان عمر رضي الله عنه وسائر الصحابة يخالفون في ذلك، وينهون عن