لما رأيت الخالة في وجنات من ... أصبوا إليه ووصوله ممنوع
لو تأملت قاتلي بهواه ... لتحيرت بين خال وصدغ
قالت الحسناء قولاً ... سول الموت وسوغ
لا أرى قط فؤاداً=من هوى خالي يفرغ
بدا على خده خال يزينه ... فزادني شغفاً فيه إلى شغفي
كأن حبة قلبي عند رؤيته ... طارت فقلت لها في الخد منه قفي
له غرة في طرفه ثم عارض ... وخال على يد يحار له طرفي
وثغر شنيب كالجمان فضضته ... فهي كافورية اللون والعرف
ووجه منير فوق قد مهفهف ... على كفل راب يجل عن الوصف
كأن الذي عاينته من جماله ... بلا شبهه فيما أقول ولا أخفى
ضحى في دجى مسك وآس على لظى ... حمى في طلى بدر وغصن على حتفي
بوجنتها خال من الند أسود ... يلوح لنا تحت الدلال ويختفي
عجبت له نداً على نار وجنة ... فلانشرة يفنى ولا النار تنطفى
فتحسبه في شملة الصدغ حارساً ... لما يجتنى من ورد خد مفوف
قد رحل الحسن عن محيا ... حبيب قلبي بلا خلاف
فدار العذار فيه نوناً ... وصارت خيلانه أثافي
شعر حكى من عنبر سلما ... فرام إنساني بها المرتقا
حتى إذا صار على خده ... صيره خالاً به محرقا
كأنما الخال الذي في خده ... المحمر شبهاً على التحقيق
عبد جنى ذنباً وهدد فاختفى ... خوف العقوبة في رياض شقيق
وألعس داوى علتي برحيقه ... فما زادني إلا لهيب حريق
ومن عجب أني أخذت بخده ... وليس سوى خال به وشقيق
قال آخر
كم لي عدو في هواه فإن ... قاطعني أو صدكم لي صديق
مسواكه والخال قد قسما ... لذا رحيق ولهذا حريق
آخر
خضرة خديه ربيع ناظري ... كالغصن في أول إخراج الورق
فحار من حمرة خديه التي ... حسد الخال عليها فاحترق
[.....]
وكأن خالاً فوق صفحة خديه ... من تحت صدغ كالظلام الغاسق
أثر الشرارة في قميص أحمر ... أونقطة بالمسك فوق شقائق
قاني الوجنات ينتمي للقان ... صعب الخلق
إن قلت: أموت في الهوى ناداني ... هذا يسقي
فاعجب لرضابه شفا الظمآن ... يذكي حرقي
والخد به الخال على النيران ... لم يحترق
كأنما الخال بدا ... نفسي به قد علقت
زنجية في لجة ... صافية قد غرقت
طرفي لبعدك لا يمل من البكى ... والقلب ذاب من الغرام وما شكا
يا من تعنبر خده بعذاره ... لما غدى بالخال منه ممسكا
وقال المؤلف
حام على الخد منه خال ... وبات عند العذار شاكي
مذ لم يدم وده سليماً ... أمسكه المسك في شباكي
وقال أيضاً:
قد شف تحت عذاره خال ... غدا شرك العقول وفتنة النساكي
فكأنما هو خادم قدامه ... روض أطل عليه من شباكي
أسفر ضوء الصبح من وجهه ... فقام خال الخد فيه بلال
كأنما الخال على خده ... ساعة هجر في زمان الوصال
إن الشقيق رأى محاسن وجهه ... فأراد أن يحكيه في أحواله
فأفاد حمرة لونه من خده ... وأفاد لون سواده من خاله
المشد
لان بحبي رشاء ... تقبيله فرض على الواله
فالعروة الوثقى بأصداغه ... والحجر الأسود في خاله
سلبت حبة قلبي ... فصغتها لك خالا
فقد كستني نحولاً ... وقد كستك جمالا
قدك السمهري إذا تثنى ... سلبت الغصن حسن الاعتدال
وخالك حين عم الخد حسناً ... به أضحى فؤادي غير خالي