والآيات فِي هَذَا الْمَعْنى كَثِيرَة
يخبر تَعَالَى أَنهم لم يفهموا الْقُرْآن وَلم يفقهوه وَالله عاقبهم بالأكنة على قُلُوبهم والوقر فِي آذانهم وَأَنه ختم على قُلُوبهم وأسماعهم وأبصارهم فَلم يعذرهم الله مَعَ هَذَا كُله بل حكم بكفرهم فَهَذَا يبين لَك أَن بُلُوغ الْحجَّة نوع وفهمها نوع آخر إِذا تقرر هَذَا فَلَا يلْزم من قيام الْحجَّة وبلوغها أَن يبلغهَا الْإِنْسَان لكل فَرد من أَفْرَاد الْجَهْمِية وَعباد الْقُبُور وَغَيرهم مِمَّن تخرجه بدعته من الْإِسْلَام كغلاة الْقَدَرِيَّة والمرجئة وغلاة الرافضة كَمَا يزعمه هَؤُلَاءِ الْجُهَّال الَّذين يَزْعمُونَ أَن حجَّة الله بِالْقُرْآنِ لم تبلغ جَمِيع الْخلق وَأَنه لابد من إبلاغها لكل فَرد وَمَا علمت هَذَا عَن أحد من أهل الْعلم وَالَّذِي ذكر أهل الْعلم أَن هَذَا لَا يلْزم إِلَّا من نَشأ ببادية بعيدَة أَو كَانَ حَدِيث عهد بِالْإِسْلَامِ أَو يكون ذَلِك فِي الْمسَائِل الْخفية الَّتِي قد يخفى دليلها على بعض النَّاس وَأما من كَانَ بَين أظهر الْمُسلمين كجهمية دبي وَأبي ظَبْي وأباضية أهل هَذَا السَّاحِل وجهميته فَهَؤُلَاءِ قد بلغتهم الدعْوَة وَقَامَت عَلَيْهِم الْحجَّة وَقد وَقعت الْمُخَاصمَة والمجادلة بَينهم وَبَين من هُنَاكَ من طلبة الْعلم وراسلوا المشائخ وأجابوهم على مسائلهم وَأَقَامُوا عَلَيْهِم الْحجَّة بِالدَّلِيلِ فوضحت