لَا يجب أَن يلْحق بِالْأولِ لما بَينهمَا من الْفرق
فَالْأول كمن طلب الدّين فِي الفترة فَلم يظفر بِهِ فَعدل عَنهُ بعد استفراغه الوسع فِي طلبه عَجزا أَو جهلا
وَالثَّانِي كمن لم يَطْلُبهُ بل مَاتَ على شركه وَإِن كَانَ لَو طلبه لعجز عَنهُ فَفرق بَين عجز الطَّالِب وَعجز المعرض فَتَأمل هَذَا الْموضع وَالله يقْضِي بَين عباده يَوْم الْقِيَامَة بعدله وحكمته وَلَا يعذب إِلَّا من قَامَت عَلَيْهِ الْحجَّة بالرسل فَهُوَ مَقْطُوع بِهِ فِي جملَة الْخلق
وَأما كَون زيد بِعَيْنِه وَعَمْرو قد قَامَت عَلَيْهِ الْحجَّة أم لَا فَذَلِك مِمَّا لَا يُمكن الدُّخُول بَين الله وعباده فِيهِ بل الْوَاجِب على العَبْد أَن يعْتَقد أَن كل من دَان بدين غير دين الْإِسْلَام فَهُوَ كَافِر وَأَن الله سُبْحَانَهُ لَا يعذب أحدا إِلَّا بعد قيام الْحجَّة عَلَيْهِ بالرسول هَذَا فِي الْجُمْلَة وَالتَّعْيِين موكول إِلَى علم الله تَعَالَى وَحكمه هَذَا فِي أَحْكَام الثَّوَاب وَالْعِقَاب وَأما فِي أَحْكَام الدُّنْيَا فَهِيَ جَارِيَة على ظَاهر الْأَمر فأطفال الْكفَّار ومجانينهم كفار فِي أَحْكَام الدُّنْيَا لَهُم حكم أَوْلِيَائِهِمْ وَبِهَذَا التَّفْصِيل يَزُول الْإِشْكَال فِي الْمَسْأَلَة إِلَى آخر كَلَامه رَحمَه الله
وَالَّذِي ندين الله بِهِ أَن من نفى علو الله على خلقه واستوائه على