وبالمحافظة عليها أمرت، فإذا رأيت أهل الجناية تدبت أحمل الرسائل، وأبلغ الوسائل، وأجيب المسائل، وأؤدي الأمانة، ولا أسائل، ولكني أخبرك بخبري، لتعلم حقيقة مخبري، أخبرك بالقصة الصحيحة، فإن الدين النصيحة، ما كل طائر أمين، ولا كل حالف يصدق في اليمين، ولا كل سالك هو من أصحاب اليمين، وإنما الخصوص بحمل الأمانة جنسي، وما أبرىء نفسي، يحمل الأمانة منا من كان أبلق وأخضر، لأنه أمحسن في الشكل والمنظر، وأعدل في الخبر والمخبر، ولا تكون الشيم العلية إلا في الروح الزكية، ولا شرف العزيمة إلا في النفس النفيسة المستقيمة، فإن اعتدال لون الطائر يدل على اعتدال تركيبه، فيصلح حينئذ وتأديبه، فلما باشرني مؤدبى بالتخريج، وعرفني الطريق بالتدريج، أقول: حملوني ما شئتم، فأحمل كتب الأسرار، ولطائف الأخبار، فحينئذ أطير، وأقطع الهول المستطير، خائفا من جارح جانح، حاذرا من سايح سارح، جازعا من صائد ذابح، أكابد الظمأ في الهواجر، وأطوى على الطوى في المحاجر، فلو رأيت حبة بر مع شدة جوعى، عدلت عنها، وذكرت ما جرى على آدم منها، فأرتفع حشية من كمين فخ مدفون، أو شرك يعوقنى عن تبليغ الرسالة فأنقلب بصفقتى مغبونا، فإذا أنا وصلت، وفي مأمنى حصلت أديت ما حملت، وعملت بما علمت، فهنالك طوقت، وبالبشارة خلقت، ثم انقلب إلى شكر الله على ما وفقت، وفي ذلك أقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015