فَيَصِيرُ قَدْرُ مَا ادَّعَيْنَا مِنْ الشُّبْهَةِ مُسْتَحَقًّا بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْوُجُودِ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ لِنَفْسِهِ ثَبَتَ لَهُ عَرَضِيَّةُ الْعَدَمِ وَالْجَزَاءُ حُكْمٌ يَلْزَمُ عِنْدَ فَوَاتِ الْبِرِّ فَإِذَا ثَبَتَ لِهَذَا الْبِرِّ عَرَضِيَّةُ الْعَدَمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ ثَبَتَ بِقَدْرِهِ عَرَضِيَّةُ الْوُجُودِ لِلْجَزَاءِ وَإِذَا ثَبَتَتْ عَرَضِيَّةُ الْوُجُودِ لِلْجَزَاءِ ثَبَتَتْ عَرَضِيَّةُ الْوُجُودِ لِسَبَبِهِ حَتَّى يَكُونَ الْمُسَبَّبُ ثَابِتًا عَلَى قَدْرِ السَّبَبِ وَعَرَضِيَّةُ السَّبَبِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مَحَلٍّ تَبْقَى فِيهِ كَمَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مَحَلٍّ تَنْعَقِدُ فِيهِ لِأَنَّ شُبْهَةَ الشَّيْءِ لَا تَثْبُتُ فِيمَا لَا تَثْبُتُ حَقِيقَةُ ذَلِكَ الشَّيْءِ كَشُبْهَةِ النِّكَاحِ لَا تَثْبُتُ فِي الْمَحَارِمِ عِنْدَهُمَا وَإِنَّمَا لَا نَشْتَرِطُ الْمِلْكَ لِلْبَقَاءِ كَمَا شَرَطْنَا الْحِلَّ أَنَّ الْمِلْكَ عِبَارَةٌ عَنْ الْقُدْرَةِ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا عِنْدَ الْفِعْلِ وَقَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ عَدِمَ الْفِعْلُ فَلِهَذَا لَمْ نَشْتَرِطْ الْمِلْكَ وَفِي الِابْتِدَاءِ شَرَطْنَاهُ لِمَا ذَكَرْنَا.
ثُمَّ لَزِمَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ ثُبُوتِ شُبْهَةِ الْإِيجَابِ فِي التَّعْلِيقِ وَاشْتِرَاطِ الْمَحَلِّيَّةِ لَهَا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ تَبْقَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ فَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: فَأَمَّا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ فَتَعْلِيقٌ بِمَا هُوَ عِلَّةُ مِلْكِ الطَّلَاقِ لِأَنَّ مِلْكَ الطَّلَاقِ يُسْتَفَادُ بِمِلْكِ النِّكَاحِ فَكَانَ النِّكَاحُ لِلطَّلَاقِ بِمَنْزِلَةِ عِلَّةِ الْعِلَّةِ فَكَانَ لَهُ شُبْهَةُ الْعِلَّةِ وَالْإِيجَابِ مَتَى عُلِّقَ بِحَقِيقَةِ الْعِلَّةِ يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ وَالْإِيجَابُ بِأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ أَعْتَقْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَالْإِيجَابُ إذَا عُلِّقَ بِشُبْهَةِ الْعِلَّةِ يَبْطُلُ بِهِ شُبْهَةُ الْإِيجَابِ اعْتِبَارًا لِلشُّبْهَةِ بِالْحَقِيقَةِ وَلَا يَبْطُلُ بِهِ أَصْلُ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَبْطُلُ بِالتَّعْلِيقِ بِحَقِيقَةِ الْعِلَّةِ وَالشُّبْهَةُ لَا تُمَاثِلُ الْحَقِيقَةَ وَنَظِيرُهُ ثُبُوتُ حُرْمَةِ حَقِيقَةِ الْفَضْلِ بِحَقِيقَةِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الْكَيْلُ وَالْجِنْسُ وَثُبُوتُ حُرْمَةِ شُبْهَةِ الْفَضْلِ وَهِيَ النَّسِيئَةُ بِشُبْهَةِ الْعِلَّةِ وَهِيَ أَحَدُ الْوَصْفَيْنِ وَعَدَمُ ثُبُوتِ حُرْمَةِ الْفَضْلِ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ لِأَنَّ بِالشُّبْهَةِ لَا تَثْبُتُ الْحَقِيقَةُ وَإِذَا بَطَلَتْ شُبْهَةُ الْإِيجَابِ وَلَمْ يَبْطُلْ أَصْلُ التَّعْلِيقِ كَانَ التَّعْلِيقُ يَمِينًا مُجَرَّدَةً فَتَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ الْحَالِفِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ لَهَا قِيَامُ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَلَا يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ تَعْلِيقَ الشَّيْءِ بِعِلَّتِهِ يُوجِبُ بُطْلَانَهُ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ صَحَّ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ مَعَ أَنَّ التَّطْلِيقَ عِلَّةٌ لِلطَّلَاقِ لِأَنَّا نَقُولُ: الطَّلَاقُ مُتَعَدِّدٌ وَالتَّطْلِيقُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ لِلْجَمِيعِ وَإِنَّمَا هُوَ عِلَّةٌ لِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالتَّطْلِيقِ تَعْلِيقُ الشَّيْءِ بِعِلَّتِهِ فَيَصِحُّ حَتَّى لَوْ نَوَى بِالتَّعْلِيقِ الطَّلَاقَ الَّذِي هُوَ مُوجِبٌ هَذَا التَّطْلِيقَ كَانَ التَّعْلِيقُ بَاطِلًا أَيْضًا وَلَمْ يَقَعْ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَكِنْ لَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي بِخِلَافِ تَعْلِيقِ الْحُرِّيَّةِ بِالْإِعْتَاقِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِمُتَعَدِّدَةٍ.
وَبِخِلَافِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ فَإِنَّ النِّكَاحَ عِلَّةٌ لِمِلْكِ جَمِيعِ الطَّلْقَاتِ فَيَكُونُ تَعْلِيقًا بِالْعِلَّةِ أَوْ بِشُبْهَتِهَا لَا مَحَالَةَ فَيَصِيرُ قَدْرُ مَا ادَّعَيْنَا مِنْ الشُّبْهَةِ أَيْ شُبْهَةِ الثُّبُوتِ مُسْتَحَقًّا بِهِ أَيْ سَاقِطًا بِالتَّعْلِيقِ بِالنِّكَاحِ أَوْ مُعَارِضًا بِهِ وَكَأَنَّ هَذِهِ الشُّبْهَةَ كَانَتْ ثَابِتَةً نَظَرًا إلَى أَصْلِ التَّعْلِيقِ فَاسْتَحَقَّهَا التَّعْلِيقُ بِشُبْهَةِ الْعِلَّةِ فَلَمْ تَبْقَ بِهَذِهِ الْمُعَارَضَةِ أَيْ بِمُعَارَضَةِ كَوْنِ التَّعْلِيقِ تَعْلِيقًا بِشُبْهَةِ الْعِلَّةِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّا قَدْ سَلَّمْنَا أَنَّ فِي التَّعْلِيقِ شُبْهَةَ الثُّبُوتِ فِي الْحَالِ وَأَنَّ الشُّبْهَةَ لِيُفْتَقَرَ إلَى الْمَحَلِّ كَالْحَقِيقَةِ وَأَنَّ بِفَوَاتِ الْمَحَلِّ يَبْطُلُ هَذِهِ الشُّبْهَةُ وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ فِي بُطْلَانِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ يَبْطُلُ أَصْلُ التَّعْلِيقِ فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَمِينٌ لَهُ تَعْلِيقٌ بِذِمَّةِ الْحَالِفِ وَهِيَ مَحَلُّهُ وَمِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ شُبْهَةَ الْوُقُوعِ عَلَى مَا زَعَمْتُمْ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْمَرْأَةِ فَإِذَا بَطَلَتْ الشُّبْهَةُ بِفَوَاتِ الْمَحَلِّ بَقِيَ أَصْلُ التَّعْلِيقِ لِبَقَاءِ مَحَلِّهِ وَهُوَ ذِمَّةُ الْحَالِفِ كَمَا قُلْتُمْ