وَالطَّرِيقُ فِي ذَلِكَ أَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ لَهُ شَبَهٌ بِالْإِيجَابِ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْيَمِينَ تُعْقَدُ لِلْبِرِّ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْبِرِّ مَضْمُونًا لِيَصِيرَ وَاجِبَ الرِّعَايَةِ فَإِذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ كَانَ الْبِرُّ هُوَ الْأَصْلُ وَهُوَ مَضْمُونٌ بِالطَّلَاقِ كَالْمَغْصُوبِ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَيَكُونُ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ فَيَثْبُتُ شُبْهَةُ وُجُوبِ الْقِيمَةِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا تَثْبُتُ شُبْهَةُ وُجُوبِ الطَّلَاقِ وَقَدْرُ مَا يَجِبُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ مَحَلِّهِ فَأَمَّا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ فَتَعْلِيقٌ بِمَا هُوَ عِلَّةُ مِلْكِ الطَّلَاقِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQتَطْلِيقَاتُ ذَلِكَ الْمِلْكِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَأَمَّا قِيَامُ هَذَا الْمِلْكِ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ إلَى آخِرِهِ وَمَعْنَاهُ تَحَقُّقُ الْفَرْقِ بَيْنَ زَوَالِ الْحِلِّ وَبَيْنَ زَوَالِ الْمِلْكِ فَإِنَّ الْيَمِينَ بِالْأَوَّلِ يَبْطُلُ وَلَا يَبْطُلُ بِالثَّانِي لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْمُعَلَّقِ ضَرْبُ اتِّصَالٍ وَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ سَبَبًا حَقِيقَةً لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ الْمَحَلِّ وَذَلِكَ بِبَقَاءِ حِلِّ النِّكَاحِ فَأَمَّا قِيَامُ هَذَا الْمِلْكِ فِي الْمَحَلِّ أَيْ الْمِلْكِ الْقَائِمِ حَالَةَ التَّعْلِيقِ فِيهِ فَلَمْ يَتَعَيَّنُ أَيْ لَمْ يُشْتَرَطْ لِبَقَاءِ التَّعْلِيقِ صَحِيحًا لِأَنَّ التَّعْلِيقَ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ فِي الطَّلَاقِ بِالْإِيقَاعِ وَلَا الْمُتَعَلِّقُ بِالشَّرْطِ هُوَ الطَّلَاقُ الْمَمْلُوكُ حَتَّى يُشْتَرَطَ الْمِلْكُ لِصِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ الْمِلْكُ إلَّا حَالَ وُجُودِ الشَّرْطِ إلَّا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الِابْتِدَاءِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَرَدُّدِ حَالِ وُجُودِ الشَّرْطِ إلَى آخِرِهِ وَالطَّرِيقُ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي إثْبَاتِ اتِّصَالِ الْإِيجَابِ الْمُعَلَّقِ بِالْمَحَلِّ وَافْتِقَارِهِ إلَيْهِ أَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ لَهُ شُبْهَةُ الْإِيجَابِ أَيْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا حَقِيقَةً لَهُ شُبْهَةُ كَوْنِهِ سَبَبًا لِأَنَّ الْيَمِينَ تُعْقَدُ لِلْبِرِّ وَلَا بُدَّ لِلْبِرِّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا بِلُزُومِ الْجَزَاءِ عِنْدَ الْفَوَاتِ تَحْقِيقًا لِلْمَقْصُودِ وَهُوَ تَأْكِيدُ جَانِبِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ كَانَ الْبِرُّ هُوَ الْأَصْلُ أَيْ مُوجِبَهُ الْأَصْلِيَّ لِأَنَّهُ هُوَ الْغَرَضُ مِنْ عَقْدِ الْيَمِينِ وَهُوَ مَضْمُونٌ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْفَوَاتِ وَإِذَا كَانَ مَضْمُونًا بِهِ يَثْبُتُ لِلْمُعَلَّقِ فِي الْحَالِ شُبْهَةُ الْإِيجَابِ كَالْمَغْصُوبِ لَمَّا لَزِمَ الْغَاصِبَ رَدُّهُ وَصَارَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الْفَوَاتِ ثَبَتَ شُبْهَةُ وُجُوبِ الْقِيمَةِ حَالَ قِيَامِ الْمَغْصُوبِ حَتَّى صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَالرَّهْنُ وَالْكَفَالَةُ بِالْمَغْصُوبِ وَحَتَّى لَمْ يَجِبْ عَلَى الْغَاصِبِ زَكَاةٌ قَدْرَ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ فِي مَالِهِ حَالَ قِيَامِهِ كَذَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الثِّقَاتِ.

وَكَذَا لَوْ أَدَّى الضَّمَانَ بِتَمَلُّكِهِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ وَلَوْ لَمْ يَعْتَبِرْ هَذِهِ الشُّبْهَةَ لَثَبَتَ الْمِلْكُ مِنْ وَقْتِ الضَّمَانِ لَا مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْأَلْفَ فِي يَدِي غَصْبٌ غَصَبْتُهُ مِنْك يَقُولُ الْمُقَرُّ لَهُ: لَا بَلْ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ قَدْ قَبَضْتُهُ فَإِنَّهُ يُقْتَضَى عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى وُجُوبِ الْأَلْفِ دَيْنًا وَاخْتَلَفَا فِي سَبَبِهِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَقَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ وَدَلَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْغَصْبَ يُوجِبُ الضَّمَانَ بِنَفْسِهِ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: هَذَا الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لَك عِنْدِي فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَا وَلَكِنْ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ فَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ ذَلِكَ لَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ ضَمَانِ الدَّيْنِ وَبَيْنَ مِلْكِ الْعَيْنِ مُوَافَقَةٌ بِوَجْهٍ فَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ لِلضَّمَانِ شُبْهَةَ الثُّبُوتِ قَبْلَ فَوَاتِ الْمَضْمُونِ صَارَ لِلْجَزَاءِ هَاهُنَا وَهُوَ الطَّلَاقُ شُبْهَةُ الثُّبُوتِ وَشُبْهَةُ الشَّيْءِ لَا تَسْتَغْنِي عَنْ الْمَحَلِّ كَحَقِيقَتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ شُبْهَةَ النِّكَاحِ لَا تَثْبُتُ فِي غَيْرِ الْمَحَلِّ وَشُبْهَةَ الْبَيْعِ لَا تَثْبُتُ فِي غَيْرِ الْمَالِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ دَلَالَةُ الدَّلِيلِ عَلَى الْمَدْلُولِ مَعَ تَخَلُّفِ الْمَدْلُولِ لِمَانِعٍ وَقَطُّ لَا يَدُلُّ دَلِيلٌ عَلَى مَدْلُولٍ فِي غَيْرِ الْمَحَلِّ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ دَلَالَةُ الدَّلِيلِ عَلَى ثُبُوتِ الطَّلَاقِ فِي الْبَهِيمَةِ لِعَدَمِ الْمَحَلِّ فَإِذَا بَطَلَ الْمَحَلُّ بَطَلَ الْيَمِينُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ كُلَّ حُكْمٍ يَرْجِعُ إلَى الْمَحَلِّ فَالِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ فِيهِ سَوَاءٌ.

وَذَكَرَ الشَّيْخُ فِي بَعْضِ مُصَنَّفَاتِهِ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ فِي إثْبَاتِ شُبْهَةِ الثُّبُوتِ لِلْجَزَاءِ أَنَّ الْبِرَّ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا لَكِنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الِاحْتِرَازُ عَنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الِاسْمِ أَوْ التَّحَرُّزُ عَنْ لُزُومِ الْجَزَاءِ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَاجِبٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015