وَلِهَذَا قُلْنَا فِي قَوْلِ الرَّجُلِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي هَذَا حُرٌّ: إنَّ الْعِتْقَ بِالشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ تَامًّا لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ التَّعْلِيقِ قَاصِرٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِثْلُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} [الشورى: 24] .
وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ} [الحج: 5] وَقَوْلُهُ عَزَّ ذِكْرُهُ {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [التوبة: 15] وَقَوْلُهُ جَلَّ جَلَالُهُ {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى} [الأعراف: 26] وَغَيْرُ ذَلِكَ فَهَذِهِ جُمَلٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لَمْ تُشَارِكْ مَا تَقَدَّمَهَا فِي الْإِعْرَابِ فَأَنَّى تُشَارِكُهَا فِي الْمَعْنَى وَالْحُكْمِ وَلِهَذَا أَيْ وَلِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَثْبُتُ لِلِافْتِقَارِ قُلْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّ الْعِتْقَ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ كَالطَّلَاقِ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَبْدِي حُرٌّ وَإِنْ كَانَ تَامًّا إيقَاعًا لَكِنَّهُ قَاصِرٌ تَعْلِيقًا أَيْ نَاقِصٌ لِأَنَّهُ عُرِفَ بِدَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّ غَرَضَهُ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالشَّرْطِ لَا التَّنْجِيزُ وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ شَرْطًا عَلَى حِدَةٍ فَصَارَ نَاقِصًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَالْغَرَضُ وَقَدْ عَطَفَهُ عَلَى الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ فَيَثْبُتُ الشَّرِكَةُ لِلِافْتِقَارِ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ لَا يَتَعَلَّقُ طَلَاقُ عَمْرَةَ بِالشَّرْطِ بَلْ يُتَنَجَّزُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَرَضُهُ التَّعْلِيقَ لَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَعَمْرَةُ لِأَنَّ خَبَرَ الْأَوَّلِ يَصْلُحُ خَبَرًا لَهُ فَيَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بِالْعَطْفِ وَحَيْثُ لَمْ يَقْتَصِرْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ التَّنْجِيزُ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّ خَبَرَ الْأَوَّلِ لَا يَصْلُحُ خَبَرًا لِلثَّانِي وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَزَيْنَبُ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَعَمْرَةُ طَالِقٌ أَنَّ طَلَاقَ عَمْرَةَ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ أَيْضًا لِأَنَّ غَرَضَهُ تَعْلِيقُ الثَّلَاثِ فِي حَقِّ زَيْنَبَ وَتَعْلِيقُ نَفْسِ الطَّلَاقِ فِي حَقِّ عَمْرَةَ وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِعَادَةِ الْخَبَرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ عَبْدِي حُرٌّ فَإِنْ قِيلَ: قَدْ ثَبَتَ فِي قَوَانِينِ عِلْمِ الْمَعَانِي أَنَّ رِعَايَةَ التَّنَاسُبِ شَرْطٌ فِي عَطْفِ الْجُمَلِ حَتَّى لَوْ قَالَ قَائِلٌ: زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ وَدَرَجَاتُ الْحَمْلِ ثَلَثُونِ وَكُمُّ الْخَلِيفَةِ فِي غَايَةِ الطُّولِ وَفِي عَيْنِ الذُّبَابِ جُحُوظٌ وَكَانَ جَالِينُوسُ مَاهِرًا فِي الطِّبِّ وَالْخَتْمُ فِي التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ وَالْقِرْدُ شَبِيهٌ بِالْآدَمِيِّ سُجِّلَ عَلَيْهِ بِكَمَالِ السَّخَافَةِ أَوْ عُدَّ مَسْخَرَةً مِنْ الْمَسَاخِرِ فَدَلَّ أَنَّ الْقِرَانَ فِي النَّظْمِ يُوجِبُ الْقِرَانَ فِي الْحُكْمِ.
قُلْنَا لَا نُنْكِرُ أَنَّ التَّنَاسُبَ مِنْ مُحَسِّنَاتِ الْكَلَامِ وَلَكِنَّا نُنْكِرُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ بِهِ فَإِنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَبِالْمُحْتَمَلِ لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ وَهَذَا كَالْمَفْهُومِ فَإِنَّا لَا نُنْكِرُ أَنَّهُ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ الْكَلَامِ وَعَلَيْهِ بُنِيَ عِلْمُ الْمَعَانِي وَلَكِنَّهُ لَا يَصْلُحُ مُثْبِتًا لِلْحُكْمِ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ قَوْلُهُ (وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى أَنَّ افْتِقَارَ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ فِي أَمْرٍ يُوجِبُ الشَّرِكَةَ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي تَامًّا بِنَفْسِهِ قُلْنَا فِي قَوْله تَعَالَى إلَى آخِرِهِ الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قَبْلَ التَّوْبَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَاخْتُلِفَ فِي طَرِيقِ الرَّدِّ فَعِنْدَنَا لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ تَتْمِيمًا لِلْحَدِّ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَقْبَلُ لِلْفِسْقِ فَإِنَّهُ بِالْقَذْفِ بِلَا شُهُودٍ هَتَكَ سِتْرَ الْعِفَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَصَارَ بِهِ فَاسِقًا وَلِهَذَا لَزِمَهُ الْحَدُّ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِارْتِكَابِ جَرِيمَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْفِسْقِ وَإِذَا ثَبَتَ فِسْقُهُ بِالْقَذْفِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قَبْلَ الْحَدِّ أَيْضًا لِوُجُودِ الْفِسْقِ وَيَقْبَلُ إذَا تَابَ قَبْلَ الْحَدِّ أَوْ بَعْدَهُ لِزَوَالِ الْفِسْقِ بِالتَّوْبَةِ كَسَائِرِ الْفَسَقَةِ إذَا تَابُوا وَعِنْدَنَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ تَتْمِيمًا لِلْحَدِّ وَسَبَبُهُ الْقَذْفُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ إتْيَانِ أَرْبَعَةٍ مِنْ الشُّهَدَاءِ لَا نَفْسَ