وَكَذَلِكَ قَالَ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ الْفُرَاتِ أَنَّهُ يَحْنَثُ إنْ كَرَعَ وَاغْتَرَفَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِيمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ رَجَبَ أَنَّهُ إنْ نَوَى الْيَمِينَ كَانَ نَذْرًا وَيَمِينًا وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَهُمَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَبَى الْقَاضِي الْإِمَامُ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَالشَّيْخُ الْمُصَنِّفُ وَأَخُوهُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ ذَلِكَ. قَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ إنَّهُمَا أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ أَنْ يُشْتَبَهَ عَلَيْهِمَا هَذَا. أَمَّا بَيَانُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَنَقُولُ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَأْكُلَهَا حَبًّا كَمَا هِيَ فَيَمِينُهُ عَلَى مَا نَوَى حَتَّى لَوْ أَكَلَ مِنْ خُبْزِهَا أَوْ سَوِيقِهَا لَا يَحْنَثُ بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَظَاهِرٌ وَكَذَا عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا نَوَى الْعَيْنَ فَقَدْ نَوَى الْحَقِيقَةَ فَيَصِحُّ نِيَّتُهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الدَّقِيقِ وَنَوَى أَكْلَ عَيْنِهِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ عِنْدَهُمْ وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ مُنْصَرِفَةً إلَى الْخُبْزِ. وَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَأْكُلَ مَا يُتَّخَذُ مِنْهَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ أَيْضًا حَتَّى لَا يَحْنَثَ بِأَكْلِ عَيْنِهَا؛ لِأَنَّهُ نَوَى مُحْتَمَلَ كَلَامِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَعَلَى قَوْلِهِ تَقَعُ عَلَى الْعَيْنِ لَا غَيْرُ حَتَّى لَا يَحْنَثَ بِالْخُبْزِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَحْنَثُ بِالْخُبْزِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَهَلْ يَحْنَثُ بِأَكْلِ عَيْنِ الْحِنْطَةِ.

أَشَارَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَيْمَانِ إلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فَإِنَّهُ قَالَ يَمِينُهُ عَلَى مَا يَصْنَعُ مِنْهَا وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ عَيْنَهَا لَا يَحْنَثُ. وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَحْنَثُ إنْ أَكَلَهَا خُبْزًا أَيْضًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَحْنَثُ بِتَنَاوُلِ عَيْنِ الْحِنْطَةِ عِنْدَهُمَا وَإِنَّمَا يُرَدُّ السُّؤَالُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ أَكْلَ الْعَيْنِ حَقِيقَةُ هَذَا الْكَلَامُ وَأَكْلُ الْخُبْزِ مَجَازُهُ فَيَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ. وَهَذَا الْوَجْهُ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّيْخِ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَالْقَاضِي الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ وَعَامَّةِ الْمَشَايِخِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ الصَّحِيحَ رِوَايَةُ كِتَابِ الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْحِنْطَةِ لِلْعَيْنِ حَقِيقَةٌ وَلِلْخُبْزِ مَجَازٌ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ نَوَى أَكْلَ الْعَيْنِ لَا يَحْنَثُ بِالْخُبْزِ وَالسَّوِيقِ لِمَا قُلْنَا فَكَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ وَانْصَرَفَتْ يَمِينُهُ إلَى الْخُبْزِ لَا يَبْقَى الْحَقِيقَةُ مُرَادَةً. وَمَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ مُؤَوَّلٌ فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَإِنْ قَضَمَهَا حَنِثَ أَيْ إذَا نَوَى الْعَيْنَ وَإِنْ أَكْلَ مِنْ خُبْزِهَا يَحْنَثُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ. وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ الْفُرَاتِ فَالْيَمِينُ يَقَعُ عَلَى الْكَرْعِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ كَلَامِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَذَلِكَ بِأَنْ يَضَعَ فَاهُ عَلَيْهِ وَيَشْرَبَ مِنْهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَلَوْ نَوَى الِاغْتِرَافَ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْمَجَازَ وَفِيهِ تَخْفِيفٌ مِنْ وَجْهٍ كَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخَانِ. وَعِنْدَهُمَا لَوْ اغْتَرَفَ مِنْهُ بِيَدِهِ أَوْ إنَاءٍ فَشَرِبَ يَحْنَثُ.

وَلَوْ شَرِبَ كَرْعًا قِيلَ لَا يَحْنَثُ عَلَى قَوْلِهِمَا إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ كَيْ لَا يَصِيرَ جَامِعًا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَقِيلَ يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ. وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فَمَسْأَلَةُ النَّذْرِ وَهِيَ قَوْلُهُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ رَجَبَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ. إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا. أَوْ نَوَى النَّذْرَ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ الْيَمِينُ. أَوْ نَوَى النَّذْرَ وَنَوَى أَنْ لَا يَكُونَ يَمِينًا يَكُونُ نَذْرًا بِالِاتِّفَاقِ. وَلَوْ نَوَى الْيَمِينَ وَنَوَى أَنْ لَا يَكُونَ نَذْرًا يَكُونُ يَمِينًا بِالِاتِّفَاقِ. وَلَوْ نَوَاهُمَا أَوْ نَوَى الْيَمِينَ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ النَّذْرُ كَانَ نَذْرًا فِي الْأَوَّلِ وَيَمِينًا فِي الثَّانِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَكَانَ نَذْرًا وَيَمِينًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - حَتَّى يَلْزَمَهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ جَمِيعًا بِالْفَوَاتِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ مَعَ الْيَمِينِ مُخْتَلِفَانِ بِلَا شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ النَّذْرِ الْوَفَاءُ بِالْمُلْتَزَمِ وَالْقَضَاءُ عِنْدَ الْفَوْتِ لَا الْكَفَّارَةُ وَمُوجِبُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْفَوْتِ لَا الْقَضَاءُ وَاخْتِلَافُ أَحْكَامِهِمَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ ذَاتَيْهِمَا.

ثُمَّ هَذَا الْكَلَامُ لِلنَّذْرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015