وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ إذَا كَانَتْ فَرْدًا صِيغَةً أَوْ دَلَالَةً أَمَّا الْفَرْدُ صِيغَةً فَمِثْلُ قَوْلِ الرَّجُلِ وَاَللَّهِ لَا أَشْرَبُ مَاءً أَوْ الْمَاءَ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْأَقَلِّ وَيَحْتَمِلُ الْكُلَّ فَأَمَّا قَدْرًا مِنْ الْأَقْدَارِ الْمُتَخَلَّلَةِ بَيْنَ الْحَدَّيْنِ فَلَا.

فَكَذَلِكَ لَا آكُلُ طَعَامًا أَوْ مَا يُشْبِهُهُ وَأَمَّا الْفَرْدُ دَلَالَةً فَمِثْلُ قَوْلِ الرَّجُلِ وَاَللَّهِ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَلَا أَشْتَرِي الْعَبِيدَ وَلَا أُكَلِّمُ بَنِي آدَمَ وَلَا أَشْتَرِي الثِّيَابَ أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ عَلَى الْأَقَلِّ وَيَحْتَمِلُ الْكُلَّ؛ لِأَنَّ هَذَا جَمْعٌ صَارَ مَجَازًا عَنْ اسْمِ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّا إذَا أَبْقَيْنَاهُ جَمْعًا لَغَا حَرْفُ الْعَهْدِ أَصْلًا وَإِذَا جَعَلْنَاهُ جِنْسًا بَقِيَ اللَّامُ لِتَعْرِيفِ الْجِنْسِ وَبَقِيَ مَعْنَى الْجَمْعِ مِنْ وَجْهٍ فِي الْجِنْسِ فَكَانَ الْجِنْسُ أَوْلَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ} [الأحزاب: 52] وَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْجَمْعِ فَصَارَ هَذَا وَسَائِرُ أَسْمَاءِ الْجِنْسِ سَوَاءً

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصَارَ مَذْكُورًا فَكَانَ التَّعْمِيمُ دَاخِلًا عَلَى الْمَذْكُورِ فَكَانَ حُكْمًا أَصْلِيًّا.

فَلِهَذَا صَحَّتْ فِيهِ نِيَّةُ الثَّلَاثِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ التَّقْوِيمِ، وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْفَرِيقُ الثَّالِثُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلشَّرْطِ فِي التَّكْرَارِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اضْرِبْهُ إنْ لَمْ يَقْتَضِ التَّكْرَارَ فَقَوْلُهُ اضْرِبْهُ قَائِمًا أَوْ إنْ كَانَ قَائِمًا لَا يَقْتَضِيهِ أَيْضًا بَلْ لَا يَزِيدُهُ إلَّا اخْتِصَاصَ الضَّرْبِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ بِحَالَةِ الْقِيَامِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ لِوَكِيلِهِ طَلِّقْ زَوْجَتِي إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِتَكَرُّرِ الدُّخُولِ، فَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] وَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ فَصَلِّ كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِزَوْجَاتِهِ مَنْ شَهِدَ مِنْكُنَّ الشَّهْرَ فَلْتُطَلِّقْ نَفْسَهَا فَمَنْ زَالَتْ عَلَيْهَا الشَّمْسُ فَلْتُطَلِّقْ نَفْسَهَا،

1 -

وَأَمَّا تَكْرَارُ أَوَامِرِ الشَّرْعِ فَلَيْسَ مِنْ مُوجَبِ اللُّغَةِ بَلْ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ فِي كُلِّ شَرْطٍ فَقَدْ قَالَ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] وَلَا يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ بِتَكَرُّرِ الِاسْتِطَاعَةِ؛ فَإِنْ أَحَالُوا ذَلِكَ عَلَى الدَّلِيلِ أَحَلْنَا مَا تَكَرَّرَ أَيْضًا عَلَى الدَّلِيلِ كَيْفَ، وَمَنْ كَانَ جُنُبًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّهَّرَ إذَا لَمْ يُرِدْ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَتَكَرَّرْ مُطْلَقًا لَكِنْ اتَّبَعَ فِيهِ مُوجَبَ الدَّلِيلِ كَذَا ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَمَّا اعْتِبَارُهُمْ الشَّرْطَ بِالْعِلَّةِ فَضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مُوجِبَةٌ لِلْحُكْمِ وَالْمُوجِبُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْمُوجَبِ، فَأَمَّا الشَّرْطُ فَلَيْسَ بِمُوجِبٍ؛ وَلِهَذَا يُوجَدُ الشَّرْطُ بِدُونِ الْمَشْرُوطِ وَالْمَشْرُوطُ بِدُونِ الشَّرْطِ عِنْدَنَا، يُوَضِّحُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحُكْمَ يَقْتَصِرُ ثُبُوتُهُ عَلَى الْعِلَّةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَمْرٍ آخَرَ وَثُبُوتُ الْمَشْرُوطِ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الشَّرْطِ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى مُوجِبٍ يُوجِبُهُ، وَهُوَ الْعِلَّةُ.

وَأَمَّا الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ فِيمَا اسْتَشْهَدُوا فَعِلَلٌ أَوْ فِي مَعْنَى الْعِلَلِ؛ فَلِهَذَا تَكَرَّرَتْ الْأَوَامِرُ بِتَكَرُّرِهَا قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ) أَيْ وَكَالْمَصْدَرِ الثَّابِتِ بِالْأَمْرِ سَائِرُ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ أَيْ جَمِيعُهَا أَوْ بَاقِيهَا فِي وُقُوعِهِ عَلَى الْأَقَلِّ وَاحْتِمَالِهِ لِلْكُلِّ دُونَ الْعَدَدِ إذَا كَانَتْ فَرْدًا صِيغَةً أَيْ لَمْ يَكُنْ صِيغَتُهُ صِيغَةَ تَثْنِيَةٍ وَلَا جَمْعٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَرَّفَةً أَوْ مُنَكَّرَةً مِثْلُ " مَاءً " أَوْ " الْمَاءَ " فِي يَمِينِ الشُّرْبِ أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ كَانَتْ صِيغَتُهُ صِيغَةَ جَمْعٍ قُرِنَتْ بِهَا لَامُ التَّعْرِيفِ أَوْ الْإِضَافَةِ مِثْلُ " الْعَبِيدَ " وَبَنِي آدَمَ فِي يَمِينِ الْكَلَامِ.

فَأَمَّا قَدْرًا مِنْ الْأَقْدَارِ الْمُتَخَلَّلَةِ بَيْنَ الْحَدَّيْنِ وَهُمَا الْأَقَلُّ وَالْكُلُّ فَلَا أَيْ لَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ، فَإِنْ نَوَى كُوزًا أَوْ كُوزَيْنِ أَوْ قَدَحًا أَوْ قَدَحَيْنِ لَا يُعْمِلُ نِيَّتَهُ وَقَدْرًا مَنْصُوبٌ بِلَا يَحْتَمِلُهُ الْمُقَدَّرُ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطٍ أَمَّا دُخُولُهُ فِي الْمَرْفُوعِ أَلْبَتَّةَ بَلْ يَجُوزُ دُخُولُهُ فِي الْمَنْصُوبِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} [الضحى: 9] وَنَحْوُهُ.

قَوْلُهُ (وَأَمَّا الْفَرْدُ دَلَالَةً إلَى آخِرِهِ) اعْلَمْ أَنَّ اللَّامَ لِلتَّعْرِيفِ فَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى مَعْهُودٍ، وَهُوَ الَّذِي عُرِفَ وَعُهِدَ إمَّا بِالذِّكْرِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ فَهِيَ تُعَرِّفُ ذَلِكَ الْمَعْهُودَ وَيُسَمَّى هَذَا تَعْرِيفُ الْعَهْدِ، وَهُوَ الْأَصْلُ فِيهِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَعْرِيفُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْجِنْسِ كَقَوْلِك فَعَلَ الرَّجُلُ كَذَا تُرِيدُ رَجُلًا بِعَيْنِهِ قَالَ تَعَالَى {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولا} [المزمل: 15] {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: 16] أَيْ ذَلِكَ الرَّسُولَ بِعَيْنِهِ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ مَعْهُودٌ فَهِيَ لِتَعْرِيفِ نَفْسِ الْحَقِيقَةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ عَوَارِضِهَا، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْهُودِ لِحُضُورِهَا فِي الذِّهْنِ وَاحْتِيَاجِهَا إلَى التَّعْرِيفِ وَيُسَمَّى هَذَا تَعْرِيفُ الْجِنْسِ، ثُمَّ الْحَقِيقَةُ فِي ذَاتِهَا لَمَّا كَانَتْ صَالِحَةً لِلتَّوَحُّدِ وَالتَّكَثُّرِ لِتَحَقُّقِهَا مَعَ الْوَحْدَةِ وَالْكَثْرَةِ كَانَتْ اللَّامُ فِي تَعْرِيفِ الْحَقِيقَةِ لِلِاسْتِغْرَاقِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015