. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQاخْتَرْت نَفْسِي يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا اعْتِبَارًا لِلْمُفَسِّرِ، وَهُوَ اخْتَارِي أَوْ أَمْرُك بِيَدِك؛ لِأَنَّ طَلِّقِي تَفْسِيرٌ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: اخْتَارِي تَطْلِيقَةً أَوْ أَمْرُك بِيَدِك فِي تَطْلِيقَةٍ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ رَجْعِيَّةٌ؛ لِأَنَّ التَّطْلِيقَةَ لَمْ تُوضَعْ عَلَى وَجْهِ التَّفْسِيرِ بَلْ خَيَّرَهَا فِي التَّصْرِيحِ فَكَانَ رَجْعِيًّا كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ.

فَأَمَّا النَّصْبُ فَلَيْسَ عَلَى التَّفْسِيرِ وَلَكِنْ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمَصْدَرِ فَإِنَّ قَوْلَهُ طَلَّقْت امْرَأَتِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَعْنَاهُ تَطْلِيقَاتٍ ثَلَاثًا كَذَا فِي التَّقْوِيمِ وَأُصُولِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى: فَإِنْ قِيلَ فَلَوْ فُسِّرَ بِالتَّكْرَارِ فَقَدْ فَسَّرَهُ بِمُحْتَمِلٍ أَوْ كَانَ ذَلِكَ إلْحَاقَ زِيَادَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ أَرَدْت بِقَوْلِي اُقْتُلْ اُقْتُلْ زَيْدًا وَبِقَوْلِي صُمْ أَيْ يَوْمَ السَّبْتِ خَاصَّةً، فَإِنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ بِمَا لَيْسَ يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ بَلْ لَيْسَ تَفْسِيرًا إنَّمَا هُوَ ذِكْرُ زِيَادَةٍ لَمْ يُوضَعْ اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ لَهَا لَا بِالِاشْتِرَاكِ وَلَا بِالتَّخْصِيصِ قُلْنَا الْأَظْهَرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ إنْ فَسَّرَهُ بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ كَسَبْعَةٍ أَوْ عَشْرَةٍ فَهُوَ إتْمَامٌ بِزِيَادَةٍ وَلَيْسَ بِتَفْسِيرٍ إذْ اللَّفْظُ لَا يَصْلُحُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى كَمِّيَّةٍ وَعَدَدٍ، وَإِنْ أَرَادَ اسْتِغْرَاقَ الْعُمْرِ فَقَدْ أَرَادَ كُلِّيَّةَ الصَّوْمِ فِي حَقِّهِ فَإِنَّ كُلِّيَّةَ الصَّوْمِ شَيْءٌ فَرْدٌ إذْ لَهُ حَدٌّ وَاحِدٌ وَحَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ فَهُوَ وَاحِدٌ بِالنَّوْعِ كَمَا أَنَّ الصَّوْمَ الْوَاحِدَ وَاحِدٌ بِالْعَدَدِ فَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيَانًا لِلْمُرَادِ لَا اسْتِئْنَافُ زِيَادَةٍ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ عَدَدٌ كَانَتْ الطَّلْقَةُ الْوَاحِدَةُ ضَرُورَةَ لَفْظِهِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهَا وَلَوْ نَوَى الثَّلَاثَ نَفَذَتْ؛ لِأَنَّهُ كُلِّيَّةُ الطَّلَاقِ فَهُوَ كَالْوَاحِدِ بِالْجِنْسِ أَوْ بِالنَّوْعِ وَلَوْ نَوَى طَلْقَتَيْنِ فَالْأَغْوَصُ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُهُ؛ فَإِنْ قِيلَ الزِّيَادَةُ الَّتِي هِيَ كَالتَّتِمَّةِ لَا تَصْلُحُ إرَادَتُهَا بِاللَّفْظِ.

فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ طَلَّقْت زَوْجَتِي وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَقَالَ أَرَدْت زَيْنَبَ يُبَيِّنُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ وَلَوْلَا احْتِمَالُهُ لَوَقَعَ مِنْ وَقْتِ التَّعْيِينِ قُلْنَا بَلْ الْفَرْقُ أَغَوْصُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ زَوْجَتِي مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْأَرْبَعِ يَصْلُحُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ فَهُوَ كَإِرَادَةِ أَحَدِ الْمُسَمَّيَاتِ بِالْمُشْتَرَكِ أَمَّا الطَّلَاقُ فَمَوْضُوعٌ لِمَعْنًى لَا يَتَعَرَّضُ لِلْعَدَدِ وَالصَّوْمُ لِمَعْنًى لَا يَتَعَرَّضُ لِلْعَشْرَةِ، وَلَيْسَتْ الْأَعْدَادُ مَوْجُودَةً لِيَكُونَ اسْمُ الصَّوْمِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهَا اشْتِرَاكَ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَ النِّسْوَةِ إلَى هُنَا كَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَبِمَا ذَكَرْنَا تَبَيَّنَ أَنَّ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّكْرَارَ وَالْعَدَدَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ قَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مَا هُوَ مُحْتَمِلُهُ، وَهُوَ الْكُلُّ أَوْ أُلْحِقَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الزِّيَادَةِ مَا لَيْسَ بِمُحْتَمَلِهِ لُغَةً فَكَأَنَّهُ قِيلَ فِي قَوْلِهِ صُمْ إلَّا يَوْمَ السَّبْتِ صُمْ الْأَيَّامَ كُلَّهَا إلَّا يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ صُمْ الْأُسْبُوعَ إلَّا يَوْمَ السَّبْتِ (فَإِنْ قِيلَ) قَوْلُهُ: طَلَّقْتُك فِي اقْتِضَاءِ الْمَصْدَرِ لُغَةً مِثْلُ قَوْلِهِ طَلِّقْ إذْ مَعْنَاهُ فَعَلْت فِعْلَ الطَّلَاقِ كَمَا أَنَّ مَعْنَى الْأَمْرِ افْعَلْ فِعْلَ الطَّلَاقِ فَهَلَّا صَحَّتْ فِيهِ نِيَّةُ الثَّلَاثِ بِمَا ذَكَرْتُمْ وَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ الْفَرْقُ (قُلْنَا) إنَّمَا لَا يَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثَّلَاثِ كَمَا لَا يَصِحُّ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ وَالْخَبَرُ لَا يَقْتَضِي وُجُودَ الْمُخْبَرِ بِهِ لِيَصِحَّ فَإِنَّ الْخَبَرَ خَبَرٌ؛ وَإِنْ كَانَ كَذِبًا وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي إيجَادِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُخْبَرَ بِهِ لَا يَصِيرُ مَوْجُودًا بِالْإِخْبَارِ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي وَلَكِنْ يَقْتَضِي وُجُودَهُ لِيَكُونَ صَحِيحًا فِي الْحِكْمَةِ بِأَنْ يَكُونَ صِدْقًا فَكَانَ ثَابِتًا ضَرُورَةَ الصِّدْقِ، وَهِيَ يَرْتَفِعُ بِالْوَاحِدَةِ غَيْرَ أَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَهُ إنْشَاءً فَاقْتَضَى مَا كَانَ يَقْتَضِيهِ الْإِخْبَارُ، وَهُوَ الْوَاحِدَةُ فَأَمَّا قَوْلُهُ طَلِّقْ فَأَمْرٌ وَلَهُ أَثَرٌ فِي إيجَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015