ذَلِكَ مِنْهُ وَلَمْ يَسْأَلْ النَّاسَ فَلَا كَرَاهَةَ، (وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ) أَيْ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَآلَتِهِمَا أَوْ مَا يَقْدِرُ بِهِ عَلَى تَحْصِيلِ ذَلِكَ (فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ كُتُبٍ) ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمَسْكَنِ وَنَحْوِهِ.
(وَمَسْكَنٍ لِلسُّكْنَى) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُفْلِسَ يُقَدَّمُ بِهِ عَلَى غُرَمَائِهِ فَهَهُنَا أَوْلَى (أَوْ) مَسْكَنٌ (يَحْتَاجُ إلَى أُجْرَتِهِ لِنَفَقَتِهِ أَوْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ) لِتَأَكُّدِ حَقِّهِمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، أَوْ أَيْ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَاضِلًا عَنْ (بِضَاعَةٍ يَخْتَلُّ رِبْحُهَا الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ) لَوْ صَرَفَ فِيهِ شَيْئًا مِنْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ عَلَيْهِ (وَ) يُعْتَبَرُ أَيْضًا: أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ خَادِمٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُفْلِسَ يُقَدَّمُ بِهِ عَلَى غُرَمَائِهِ.
(وَ) يُعْتَبَرُ أَيْضًا: أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا (عَنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ حَالًّا كَانَ) الدَّيْنُ (أَوْ مُؤَجَّلًا لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيِّ) ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ مَشْغُولَةٌ بِهِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى بَرَاءَتِهَا.
(وَ) يَعْتَبِرُ أَيْضًا: أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَمَّا (لَا بُدَّ لَهُ) مِنْهُ كَمُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَةِ عِيَالِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّيْنِ فَلَأَنْ يُقَدَّمَ عَلَى الْحَجِّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، (لَكِنْ إنْ فَضَلَ مِنْهُ عَنْ حَاجَتِهِ) وَأَمْكَنَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ مَا يَكْفِيهِ (بِأَنْ كَانَ الْمَسْكَنُ وَاسِعًا أَوْ الْخَادِمُ نَفِيسًا فَوْقَ مَا يَصْلُحُ لَهُ وَأَمْكَنَ بَيْعُهُ وَشِرَاءُ قَدْرِ الْكِفَايَةِ مِنْهُ) ، وَيَفْضُلُ مَا يَحُجُّ بِهِ لَزِمَهُ (ذَلِكَ) ، وَكَذَا إنْ اسْتَغْنَى بِإِحْدَى نُسْخَتَيْ كِتَابٍ بَاعَ الْأُخْرَى (وَيُقَدِّمُ النِّكَاحَ مَعَ عَدَمِ الْوُسْعِ) لِلنِّكَاحِ وَالْحَجِّ (مَنْ خَافَ الْعَنَتَ نَصًّا) وَقَوْلُهُ (وَمَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ) أَيْ: وَيُقَدِّمُ النِّكَاحَ مَعَ عَدَمِ الْوُسْعِ مَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، بَلْ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ الْعَنَتَ فَلَا اعْتِبَارَ بِهَذِهِ الْحَاجَةِ قَوْلًا وَاحِدًا اهـ.
لِأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ وَاجِبٍ وَمَسْنُونٍ (وَيُعْتَبَرُ) فِي الِاسْتِطَاعَةِ (أَنْ يَكُونَ لَهُ إذَا رَجَعَ) مِنْ حَجِّهِ (وَمَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ عَلَى الدَّوَامِ) لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ كَالْمُفْلِسِ (وَلَمْ يُعْتَبَرْ مَا بَعْدَ رُجُوعِهِ عَلَيْهَا) يَعْنِي وَلَمْ يُعْتَبَرْ عَلَى رِوَايَةِ مَا يَكْفِيهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ فَيُعْتَبَرُ إذَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ إلَى أَنْ يَعُودَ جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالرَّوْضَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْمُفْلِسَ وَمِثْلَهُ أَوْلَى (مِنْ أُجُورِ عَقَارٍ أَوْ رِبْحِ بِضَاعَةٍ أَوْ) مِنْ (صِنَاعَةٍ وَنَحْوِهَا) كَثِمَارِ وَعَطَاءٍ مِنْ دِيوَانٍ، (وَلَا يَصِيرُ الْعَاجِزُ) عَنْ ذَلِكَ (مُسْتَطِيعًا بِبَذْلِ غَيْرِهِ لَهُ مَالًا أَوْ مَرْكُوبًا وَلَوْ) كَانَ الْبَاذِلُ وَلَدًا أَوْ وَالِدًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ كَبَذْلِ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ.
(فَمَنْ كَمُلَتْ لَهُ هَذِهِ الشُّرُوطُ) الْخَمْسَةُ " (وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ نَصًّا) لِحَدِيثِ