بِنَقْصِ عَدَدِهِمَا وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ تَأْوِيلَ مَنْ أَوَّلَ السَّنَةَ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ فِيهَا، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد وَلَا أَدْرِي مَا هَذَا؟ قَدْ رَأَيْنَاهُمَا يَنْقُصَانِ ".
(وَقَالَ الشَّيْخُ أَيْضًا: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إنْ رُئِيَ الْهِلَالُ صَبِيحَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ، فَالشَّهْرُ تَامٌّ، وَإِنْ لَمْ يُرَ فَهُوَ نَاقِصٌ هَذَا بِنَاءً عَلَى الِاسْتِسْرَارِ) أَيْ: تَوَارِي الْهِلَالِ (لَا يَكُونُ إلَّا لَيْلَتَيْنِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ) لِوُجُودِ خِلَافِهِ.
(بَلْ قَدْ يَسْتَسِرُّ) الْهِلَالُ (لَيْلَةً تَارَةً، وَثَلَاثَ لَيَالٍ) تَارَةً (أُخْرَى) .
(وَمَنْ رَأَى هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَحْدَهُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ) لَفِسْقٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَجَمِيعُ أَحْكَامِ الشَّهْرِ مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَغَيْرِهِمَا مُعَلَّقِينَ بِهِ) لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ» وَكَعِلْمِ فَاسِقٍ بِنَجَاسَةِ مَاءٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَى مَوْرُوثِهِ، وَلِأَنَّهُ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَلَزِمَهُ صَوْمُهُ وَأَحْكَامُهُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ.
(وَلَا يُفْطِرُ إلَّا مَعَ النَّاسِ) ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ لَا يُبَاحُ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ.
(وَإِنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ، لَمْ يُفْطِرْ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعَهُ قَالَ: «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُونَ وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحُّونَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَلِاحْتِمَالِ خَطَئِهِ وَتُهْمَتِهِ، فَوَجَبَ الِاحْتِيَاطُ، وَكَمَا لَا يُعَرِّفُ وَلَا يُضَحِّي وَحْدَهُ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ: وَالنِّزَاعُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ أَنَّ الْهِلَالَ: هَلْ هُوَ اسْمٌ لِمَا يَطْلُعُ فِي السَّمَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ وَلَمْ يَظْهَرْ، أَوْ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى هِلَالًا إلَّا بِالظُّهُورِ وَالِاشْتِهَارِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ.
(وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَجِبُ الْفِطْرُ سِرًّا، وَهُوَ حَسَنٌ) ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَهُ يَوْمَ عِيدٍ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ صَوْمِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْيَقِينُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ إذْ يَجُوزُ أَنَّهُ خُيِّلَ إلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَتَّهِمُ نَفْسَهُ فِي رُؤْيَتِهِ احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ، وَمُوَافَقَةً لِلْجَمَاعَةِ.
(وَالْمُنْفَرِدُ بِرُؤْيَتِهِ) أَيْ: هِلَالِ شَوَّالٍ (بِمَفَازَةٍ لَيْسَ بِقُرْبَةِ بَلَدٍ، يَبْنِي عَلَى يَقِينِ رُؤْيَتِهِ) فَيُفْطِرُ؛ (لِأَنَّهُ لَا يَتَيَقَّنُ مُخَالَفَةَ الْجَمَاعَةِ قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ) عَلَى الْهِدَايَةِ.
(وَيُنْكَرُ عَلَى مَنْ أَكَلَ فِي) نَهَارِ (رَمَضَانَ ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ، قَالَهُ الْقَاضِي) لِئَلَّا يُتَّهَمَ.
(وَقِيلَ لِابْنِ عَقِيلٍ يَجِبُ مَنْعُ مُسَافِرٍ وَمَرِيضٍ وَحَائِضٍ مِنْ الْفِطْرِ ظَاهِرًا لِئَلَّا يُتَّهَم؟ فَقَالَ: إنْ كَانَتْ أَعْذَارٌ خَفِيَّةٌ مُنِعَ مِنْ إظْهَارِهِ كَمَرِيضٍ لَا أَمَارَةَ لَهُ، وَمُسَافِرٍ لَا عَلَامَةَ عَلَيْهِ) لِلتُّهْمَةِ بِخِلَافِ الْأَعْذَارِ الظَّاهِرَةِ، وَهَذَا كَالتَّقْيِيدِ