يَكُونُ كَذَلِكَ فَيُحْمَلُ نَذْرُهُ عَلَيْهِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ وَنَحْوِهِ إذَا نَذَرَ (أَنْ يُلْزِمَ غَيْرَهُ بِالْخُرُوجِ مَعَهُ) لِأَنَّهُ نَافِلَةٌ فِي حَقِّهِمْ فَلَا يُجْبِرُهُمْ عَلَيْهِ (وَإِنْ نَذَرَهُ) أَيْ الِاسْتِسْقَاءَ (غَيْرُ الْإِمَامِ) وَغَيْرُ الْمُطَاعِ فِي قَوْمِهِ (انْعَقَدَ) نَذْرُهُ (أَيْضًا) لِمَا سَبَقَ وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ: يَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ.
(وَإِنْ نَذَرَهُ) أَيْ الِاسْتِسْقَاءَ (زَمَنَ الْخِصْبِ لَمْ يَنْعَقِدْ) صَوَّبَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ إذَنْ وَقِيلَ بَلَى لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَيُصَلِّيهَا، وَيَسْأَلُ دَوَامَ الْخِصْبِ وَشُمُولَهُ.
(وَصِفَتُهَا) أَيْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ (فِي مَوْضِعِهَا وَأَحْكَامُهَا صِفَةُ صَلَاةِ الْعِيدِ) لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " سُنَّةُ الِاسْتِسْقَاءِ سُنَّةُ الْعِيدَيْنِ " فَعَلَى هَذَا تُسَنُّ فِي الصَّحْرَاءِ، وَأَنْ تُصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِمْهَا إلَّا فِي الصَّحْرَاءِ وَهِيَ أَوْسَعُ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِهَا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي الْعِيدَ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
«وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ يُكَبِّرُونَ فِيهَا سَبْعًا وَخَمْسًا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مُرْسَلًا وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ وَزَادَ «وَقَرَأَ سَبِّحْ وَفِي الثَّانِيَةِ الْغَاشِيَةَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِيمَا سَبَقَ " ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ " لِأَنَّهَا مُطْلَقَةٌ وَهَذِهِ مُقَيَّدَةٌ.
(وَيُسَنُّ فِعْلُهَا) أَيْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ (أَوَّلَ النَّهَارِ وَقْتَ صَلَاةِ الْعِيدِ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَرَجَ حِينَ بَدَأَ حَاجِبُ الشَّمْسِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
(وَلَا تَتَقَيَّدُ بِزَوَالِ الشَّمْسِ) فَيَجُوزُ فِعْلُهَا بَعْدَهُ، كَسَائِرِ النَّوَافِلِ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَلَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، إلَّا أَنَّهَا لَا تُفْعَلُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ بِغَيْرِ خِلَافٍ (وَيُقْرَأُ فِيهَا بِمَا يُقْرَأُ بِهِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
(وَإِنْ شَاءَ) قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (بِ إنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا) لِمُنَاسَبَتِهَا الْحَالَ (وَ) فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (سُورَةً أُخْرَى) مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ.
(وَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ الْخُرُوجَ لَهَا وَعَظَ النَّاسَ) أَيْ خَوَّفَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ بِالْخَيْرِ، لِتَرِقَّ بِهِ قُلُوبُهُمْ وَيَنْصَحُهُمْ وَيُذَكِّرُهُمْ بِالْعَوَاقِبِ (وَأَمَرَهُمْ بِالتَّوْبَةِ مِنْ الْمَعَاصِي، وَبِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ وَبِأَدَاءِ الْحُقُوقِ) وَذَلِكَ وَاجِبٌ لِأَنَّ الْمَعَاصِي سَبَبُ الْقَحْطِ وَالتَّقْوَى سَبَبُ الْبَرَكَاتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [الأعراف: 96] الْآيَةَ