وَالضِّيَاءِ بِاللَّيْلِ) لِعَدَمِ نَقْلِ ذَلِكَ عَنْهُ وَأَصْحَابِهِ، مَعَ أَنَّهُ وُجِدَ فِي زَمَانِهِمْ انْشِقَاقُ الْقَمَرِ وَهُبُوبُ الرِّيَاحِ وَالصَّوَاعِقِ وَعَنْهُ يُصَلَّى لِكُلِّ آيَةٍ وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ قَوْلُ مُحَقِّقِي أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ (إلَّا الزَّلْزَلَةَ الدَّائِمَةَ فَيُصَلَّى لَهَا كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ) نَصًّا لِفِعْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَالْبَيْهَقِيُّ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ وَقَالَ لَوْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ لَقُلْنَا بِهِ وَصَلَاةُ الْكُسُوفِ صَلَاةُ رَهْبَةٍ وَخَوْفٍ كَمَا أَنَّ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ صَلَاةُ رَغْبَةٍ وَرَجَاءٍ.

[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

(بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) هُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنْ السُّقْيَا، أَيْ بَابُ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ الِاسْتِسْقَاءِ (وَهُوَ الدُّعَاءُ بِطَلَبِ السُّقْيَا عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ) وَالسُّقْيَا بِضَمِّ السِّينِ الِاسْمُ مِنْ السَّقْيِ (وَهِيَ) أَيْ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ (سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ حَضَرًا وَسَفَرًا) لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ «خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَسْقِي، فَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ يَدْعُو، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ ثُمَّ صَلَّى، رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَتُفْعَلُ جَمَاعَةً وَفُرَادَى وَالْأَفْضَلُ جَمَاعَةً (إذَا أَجْدَبَتْ الْأَرْضُ) أَيْ أَصَابَهَا الْجَدْبُ (وَهُوَ ضِدُّ الْخِصْبِ) بِالْكَسْرِ، أَيْ النَّمَاءِ وَالْبَرَكَةِ مِنْ أَخْصَبَ الْمَكَانُ فَهُوَ مُخَصَّبٌ.

وَفِي لُغَةٍ: خَصِبَ يَخْصَبُ مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ خَصِيبٌ وَأَخْصَبَ الْمَكَانُ، الْمَوْضِعُ: إذَا أَنْبَتَ بِهِ الْغَيْثُ وَالْكَلَأُ قَالَهُ فِي حَاشِيَتِهِ (وَقَحَطَ الْمَطَرُ) أَيْ احْتَبَسَ (وَهُوَ) أَيْ الْقَحْطُ (احْتِبَاسُهُ) أَيْ الْمَطَرِ (لَا عَنْ أَرْضٍ غَيْرِ مَسْكُونَةٍ وَلَا مَسْلُوكَةٍ) لِعَدَمِ الضَّرَرِ (فَزِعَ النَّاسُ إلَى الصَّلَاةِ) لِمَا تَقَدَّمَ وَيَأْتِي (حَتَّى وَلَوْ كَانَ الْقَحْطُ فِي غَيْرِ أَرْضِهِمْ) لِحُصُولِ الضَّرَرِ بِهِ (أَوْ غَارَ مَاءُ عُيُونٍ) أَيْ ذَهَبَ مَاؤُهَا فِي الْأَرْضِ، (أَوْ) غَارَ مَاءُ (أَنْهَارٍ) جَمْعُ نَهْرٍ - بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا - وَهُوَ مَجْرَى الْمَاءِ (أَوْ نَقَصَ) مَاءُ الْعُيُونِ وَالْأَنْهَارِ (وَضَرَّ ذَلِكَ) أَيْ غَوْرُ مَائِهَا أَوْ نُقْصَانُهُ فَتُسْتَحَبُّ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ لِذَلِكَ كَقَحْطِ الْمَطَرِ.

(وَلَوْ نَذَرَ الْإِمَامُ) أَوْ الْمُطَاعُ فِي قَوْمِهِ (الِاسْتِسْقَاءَ زَمَنَ الْجَدْبِ وَحْدَهُ أَوْ هُوَ وَالنَّاسُ لَزِمَهُ) الِاسْتِسْقَاءُ (فِي نَفْسِهِ) لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» .

(وَ) لَزِمَتْهُ (الصَّلَاةُ) أَيْ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ، صَوَّبَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَجَعَلَهُ ظَاهِرَ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَلَعَلَّهُ لِأَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ الْمَعْهُودَ شَرْعًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015