فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ النِّسَاءِ: وَارُوا عَنَّا سَوْأَةَ قَارِئِكُمْ فَاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا يَمَانِيًّا، فَمَا فَرِحْتُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِهِ» .
وَفِي لَفْظٍ «فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مُوَصَّلَةٍ فِيهَا فَتْقٌ فَكُنْتُ إذَا سَجَدْتُ فِيهَا خَرَجَتْ اسْتِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَانْتَشَرَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلِأَنَّ ثِيَابَ الْأَغْنِيَاءِ لَا تَخْلُو مِنْ فَتْقٍ وَثِيَابَ الْفُقَرَاءِ لَا تَخْلُو مِنْ خَرْقٍ غَالِبًا وَالِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ يَشُقُّ فَعُفِيَ عَنْهُ (وَلَوْ) كَانَ الِانْكِشَافُ الْيَسِيرُ (فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ) لِمَا مَرَّ.
(وَكَذَا) لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ إنْ انْكَشَفَ مِنْ الْعَوْرَةِ شَيْءٌ (كَثِيرٌ فِي زَمَنٍ قَصِيرٍ، فَلَوْ أَطَارَتْ الرِّيحُ سُتْرَتَهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ: نَحْوُ الرِّيحِ (عَنْ عَوْرَتِهِ، فَبَدَا) أَيْ: ظَهَرَ (مِنْهَا مَا لَمْ يُعْفَ عَنْهُ لَوْ) طَالَ زَمَنُهُ لِفُحْشِهِ (وَلَوْ) كَانَ الَّذِي بَدَا (كُلَّهَا) أَيْ: كُلَّ الْعَوْرَةِ (فَأَعَادَهَا سَرِيعًا بِلَا عَمَلٍ كَثِيرٍ لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ، لِقِصَرِ مُدَّتِهِ أَشْبَهَ الْيَسِيرَ فِي الزَّمَنِ الطَّوِيلِ فَإِنْ احْتَاجَ فِي أَخْذِ سُتْرَتِهِ لِعَمَلٍ كَثِيرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.
(وَإِنْ كَشَفَ يَسِيرًا مِنْهَا) أَيْ: الْعَوْرَةِ (قَصْدًا بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهُ مُمْكِنٌ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ أَشْبَهَ سَائِرَ الْعَوْرَةِ، وَكَذَا لَوْ فَحُشَ وَطَالَ الزَّمَنُ، وَلَوْ بِلَا قَصْدٍ.
(وَمَنْ صَلَّى وَلَوْ نَفْلًا فِي ثَوْبِ حَرِيرٍ) أَوْ مَنْسُوجٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (أَوْ) صَلَّى فِي ثَوْبٍ (أَكْثَرُهُ) حَرِيرٌ وَهُوَ (مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ) ذَلِكَ: لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَالِمًا ذَاكِرًا قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ فِي الصَّلَاةِ، لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَكَذَلِكَ مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ تَصَاوِيرُ قُلْتُ لَازَمَ ذَلِكَ كُلَّ ثَوْبٍ يَحْرُمُ لُبْسُهُ يَجْرِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ.
(أَوْ) صَلَّى فِي ثَوْبٍ (مَغْصُوبٍ) كُلُّهُ (أَوْ بَعْضُهُ) لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، إنْ كَانَ عَالِمًا ذَاكِرًا، أَوْ ظَاهِرُهُ، مَشَاعًا كَانَ أَوْ مُعَيَّنًا وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ لِأَنَّ بَعْضَهُ يَتْبَعُ بَعْضًا.
(أَوْ) صَلَّى فِي (مَا ثَمَنُهُ الْمُعَيَّنُ حَرَامٌ أَوْ بَعْضُهُ) أَيْ بَعْضُ ثَمَنِهِ الْمُعَيَّنِ حَرَامٌ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَالِمًا ذَاكِرًا وَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ وَبَذَلَهُ مِنْ الْحَرَامِ (رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً) لَوْ كَانَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَيْ: غَيْرُ الثَّوْبِ الْمُحَرَّمِ (لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، إنْ كَانَ عَالِمًا ذَاكِرًا) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَفِيهِ دِرْهَمٌ حَرَامٌ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً مَا دَامَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَقَالَ: صَمْتًا إنْ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعْتُهُ يَقُولُهُ» وَفِي إسْنَادِهِ هَاشِمٌ وَبَقِيَّةُ قَالَ الْبُخَارِيُّ هَاشِمٌ غَيْرُ ثِقَةٍ، وَبَقِيَّةُ مُدَلِّسٌ.
وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَلِأَنَّ قِيَامَهُ وَقُعُودَهُ وَلُبْثَهُ فِيهِ مُحَرَّمٌ