عِنْدَ انْقِطَاعِهِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ آخِرَ حَيْضِهَا، فَلَا تَكُونُ طَاهِرًا بِيَقِينٍ إلَّا بِالْغُسْلِ، (وَحُكْمُهَا حُكْمُ الطَّاهِرَاتِ) فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، لِأَنَّهَا طَاهِرَةٌ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَمَّا مَا رَأَتْ الطُّهْرَ سَاعَةً فَلْتَغْتَسِلْ.
(وَيُبَاحُ وَطْؤُهَا) إذَا اغْتَسَلَتْ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا لِأَنَّهَا طَاهِرَةٌ (فَإِنْ عَادَ) الدَّمُ (فَكَمَا لَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ، لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ (وَتَغْتَسِلُ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ) أَيْ: الدَّمِ (غُسْلًا ثَانِيًا) لِمَا تَقَدَّمَ (تَفْعَلُ ذَلِكَ) الْفِعْلَ، وَهُوَ جُلُوسُهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَغُسْلُهَا عِنْدَ آخِرِهَا، وَغُسْلُهَا عِنْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ (ثَلَاثًا) أَيْ: فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ (فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً) لِأَنَّ الْعَادَةَ لَا تَثْبُتُ بِدُونِ الثَّلَاثِ عَلَى الْمَذْهَبِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ» وَهِيَ صِيغَةُ جَمْعٍ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثٌ، وَلِأَنَّ مَا اُعْتُبِرَ لَهُ التَّكْرَارُ اُعْتُبِرَ فِيهِ الثَّلَاثُ، كَالْأَقْرَاءِ، وَالشُّهُورِ فِي عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَخِيَارِ الْمُصَرَّاةِ، وَمُهْلَةِ الْمُرْتَدِّ (فَإِنْ كَانَ) الدَّمُ (فِي الثَّلَاثِ مُتَسَاوِيًا ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً) وَلَمْ تَخْتَلِفْ (تَيَقَّنَ أَنَّهُ حَيْضٌ وَصَارَ عَادَةً) كَمَا ذَكَرْنَاهُ.
(فَلَا تَثْبُتُ الْعَادَةُ بِدُونِ الثَّلَاثِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا) أَيْ: الثَّلَاثِ مِنْ الشُّهُورِ (التَّوَالِي) .
فَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ فِي شَهْرٍ وَلَمْ تَرَهُ فِي الَّذِي يَلِيهِ ثُمَّ رَأَتْهُ وَتَكَرَّرَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ، صَارَ عَادَةً لِأَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَحَيْثُ تَكَرَّرَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ (فَ) إنَّهَا (تَجْلِسُهُ فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ) لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهَا (وَتُعِيدُ مَا فَعَلَتْهُ فِي الْمُجَاوِزِ) لِأَقَلِّ الْحَيْضِ (مِنْ وَاجِبِ صَوْمٍ، وَ) وَاجِبِ (طَوَافٍ، وَ) وَاجِبِ (اعْتِكَافٍ وَنَحْوِهَا) كَوَاجِبِ قِرَاءَةٍ لِتُبَيِّنَ أَنَّهَا فَعَلَتْهُ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ (بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَادَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِتُعِيدُ، لِأَنَّهُ قَبْلَ ثُبُوتِهَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالَ.
(فَإِنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ يَعُدْ) ثَلَاثًا (أَوْ أَيِسَتْ قَبْلَ تَكَرُّرِهِ) ثَلَاثًا (لَمْ تُعِدْ) مَا فَعَلَتْهُ فِي الْمُجَاوِزِ، لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْهُ حَيْضًا، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهَا.
(فَإِنْ كَانَ) الدَّمُ (عَلَى أَعْدَادٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَمَا تَكَرَّرَ مِنْهُ) ثَلَاثًا (صَارَ عَادَةً) لَهَا، لِمَا تَقَدَّمَ، دُونَ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ (مُرَتَّبًا كَانَ، كَخَمْسَةٍ فِي أَوَّلِ شَهْرٍ وَسِتَّةٍ فِي) شَهْرٍ (ثَانٍ، وَسَبْعَةٍ فِي) شَهْرٍ (ثَالِثٍ، فَتَجْلِسُ الْخَمْسَةَ لِتَكْرَارِهَا) ثَلَاثًا، كَمَا لَوْ لَمْ يَخْتَلِفْ (أَوْ غَيْرَ مُرَتَّبٍ عَكْسُهُ) أَيْ: عَكْسُ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (كَأَنْ تَرَى فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ خَمْسَةً وَفِي) الشَّهْرِ (الثَّانِي أَرْبَعَةً وَفِي) (الشَّهْرِ الثَّالِثِ سِتَّةً فَتَجْلِسُ الْأَرْبَعَةَ) لِتَكَرُّرِهَا ثُمَّ كُلَّمَا تَكَرَّرَ شَيْءٌ جَلَسَتْهُ.
(فَإِنْ جَاوَزَ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ فَ) هِيَ (مُسْتَحَاضَةٌ) لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الدَّمَ كُلَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا