الصَّنْعَةِ وَلَمْ تَجْنِ أَيْدِيهِمْ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا مُبَاحًا فَلَمْ يَضْمَنْ سِرَايَتَهُ، كَحَدِّهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ اقْطَعْ قَطْعًا لَا يَسْرِي بِخِلَافِ: دُقَّ دَقًّا لَا يَخْرِقُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حِذْقٌ فِي الصَّنْعَةِ ضَمِنُوا لِأَنَّهُمْ لَا يَحِلُّ لَهُمْ مُبَاشَرَةُ الْقَطْعِ إذَنْ فَإِذَا قَطَعَ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا فَضَمِنَ سِرَايَتَهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَطَبَّبَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَهُوَ ضَامِنٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ أَيْضًا (إذَا أَذِنَ فِيهِ مُكَلَّفٌ أَوْ وَلِيُّ غَيْرِهِ، حَتَّى فِي قَطْعِ سِلْعَةٍ وَنَحْوِهَا وَيَأْتِي) فِي الْجِنَايَاتِ.
فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَسَرَتْ ضَمِنَ لِأَنَّهُ فِعْلٌ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَيَضْمَنُ وَاخْتَارَ فِي الْهَدْيِ: لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ (فَإِنْ) أَذِنَ فِيهِ وَكَانَ حَاذِقًا لَكِنْ (جَنَتْ يَدُهُ وَلَوْ خَطَأً، مِثْلُ أَنْ جَاوَزَ قَطْعَ الْخِتَانِ إلَى الْحَشَفَةِ أَوْ إلَى بَعْضِهَا) أَيْ الْحَشَفَةِ (أَوْ قَطَعَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقَطْعِ، أَوْ قَطَعَ سِلْعَةً فَتَجَاوَزَ مَوْضِعَ الْقَطْعِ، أَوْ قَطَعَ بِآلَةٍ كَآلَةٍ يَكْثُرُ أَلَمُهَا أَوْ فِي وَقْتٍ لَا يَصْلُحُ الْقَطْعُ فِيهِ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ ضَمِنَ) لِأَنَّ الْإِتْلَافَ لَا يَخْتَلِفُ ضَمَانُهُ بِالْعَمْدِ وَالْخَطَأِ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي تُحْفَةِ الْمَوْدُودِ: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَخْتِنَهُ فِي زَمَنِ حَرٍّ مُفْرِطٍ أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطٍ أَوْ حَالَ ضَعْفٍ يَخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِالْإِذْنِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ شَرْعًا، وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ وَلِيُّهُ فَهَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ، هَلْ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْ الْخَاتِنِ؟ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْوَلِيَّ مُتَسَبِّبٌ وَالْخَاتِنَ مُبَاشِرٌ فَالْقَاعِدَةُ تَقْتَضِي تَضْمِينَ الْمُبَاشِرِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْإِحَالَةُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَذَّرَ تَضْمِينُهُ.
(وَإِنْ خَتَنَ صَبِيًّا) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (بِغَيْرِ إذَنْ وَلِيِّهِ) ضَمِنَ سِرَايَتَهُ (أَوْ قَطَعَ سِلْعَةً مِنْ مُكَلَّفٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ) ضَمِنَ السِّرَايَةَ (أَوْ قَطَعَ سِلْعَةً مِنْ صَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَسَرَتْ جِنَايَتُهُ ضَمِنَ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ (وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْحَاكِمُ) بِالصَّبِيِّ (أَوْ) فَعَلَهُ (وَلِيُّهُ) أَوْ فَعَلَهُ (مَنْ أَذِنَا) أَيْ الْحَاكِمُ أَوْ الْوَلِيُّ (لَهُ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ مِنْ ذِي الْوِلَايَةِ.
(وَلَا ضَمَانَ عَلَى رَاعٍ فِيمَا تَلِفَ مِنْ الْمَاشِيَةِ إذَا لَمْ يَتَعَدَّ، أَوْ يُفْرِطْ فِي حِفْظِهَا) لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى الْحِفْظِ أَشْبَهَ الْمُودَعَ وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ قُبِضَتْ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ أَشْبَهَتْ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ فَرَّطَ الرَّاعِي فِي حِفْظِهَا (بِنَوْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ، أَوْ تَرَكَهَا تَتَبَاعَدُ عَنْهُ أَوْ تَغِيبُ عَنْ نَظَرِهِ وَحِفْظِهِ، أَوْ) تَعَدَّى بِأَنْ (أَسْرَفَ فِي ضَرْبِهَا أَوْ ضَرَبَهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الضَّرْبِ، أَوْ) ضَرَبَهَا (مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ) أَيْ الضَّرْبِ (أَوْ سَلَكَ بِهَا مَوْضِعًا تَتَعَرَّضُ فِيهِ لِلتَّلَفِ) لِنَحْوِ خَوْفٍ (وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ضَمِنَ) الرَّاعِي التَّالِفَ قَالَ فِي