عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى شَيْئًا كَالْحَمَّامِ، فَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِنَّهُ مُقْتَضَى النَّظَرِ وَحَمَلَهُ فِي الْمُغْنِي عَلَى الْوَرَعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فَلَوْ أَنَزَاهُ عَلَى فَرَسِهِ فَنَقَصَ ضَمِنَ النَّقْصَ، قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي مَعْرِفَةُ الْعَيْنِ) الْمُؤَجَّرَةِ (بِرُؤْيَةٍ) إنْ كَانَتْ تَنْضَبِطُ بِالصِّفَاتِ، كَالدَّارِ وَالْحَمَّامِ (أَوْ صِفَةٍ يَحْصُلُ بِهَا مَعْرِفَتُهُ) أَيْ الْمُؤَجَّرِ (كَمَبِيعٍ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ وَإِنْ جَرَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْمَوْصُوفَةِ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ سَلَمٍ اُعْتُبِرَ قَبْضُ أُجْرَةٍ بِمَجْلِسِ عَقْدٍ وَتَأْجِيلُ نَفْعٍ، فَيَجْرِي السَّلَمُ فِي الْمَنَافِعِ كَالْأَعْيَانِ، (فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ) الْمَعْرِفَةُ (بِهَا) أَيْ الصِّفَةِ بِأَنْ لَمْ يَذْكُرْ مِنْ صِفَاتِهِ مَا يَكْفِي فِي السَّلَمِ (أَوْ كَانَتْ) الصِّفَةُ (لَا تَأْتِي فِيهَا) أَيْ الْمُؤَجَّرَةِ (كَالدَّارِ وَالْعَقَارِ) مِنْ بَسَاتِينَ وَنَخِيلٍ وَأَرْضٍ وَعَطْفُهُ عَلَى الدَّارِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (فَتُشْتَرَطُ مُشَاهَدَتُهُ وَتَحْدِيدُهُ، وَمُشَاهَدَةُ قَدْرِ الْحَمَّامِ، وَمَعْرِفَةُ مَائِهِ، وَ) مَعْرِفَةُ (مَصْرِفِهِ) أَيْ الْمَاءِ (وَمُشَاهَدَةُ الْإِيوَانِ، وَمَطْرَحِ الرَّمَادِ، وَمَوْضِعِ الزِّبْلِ) وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ كَرِهَ كِرَاءَ الْحَمَّامِ؛؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ مَنْ تَنْكَشِفُ عَوْرَتُهُ فِيهِ، حَمَلَهُ ابْنُ حَامِدٍ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا حَيْثُ حَدَّدَهُ، وَذَكَرَ جَمِيعَ آلَتِهِ شُهُورًا مُسَمَّاةً.
الشَّرْطُ (الثَّالِثُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ) ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ لِمَنَافِعَ أَشْبَهَتْ بَيْعَ الْأَعْيَانِ (فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ) الْعَبْدِ (الْآبِقِ، وَ) لَا الْجَمَلِ (الشَّارِدِ) وَقِيَاسُ الْبَيْعِ وَلَوْ مِنْ قَادِرٍ عَلَى تَحْصِيلِهِمَا.
(وَ) لَا إجَارَةُ (الْمَغْصُوبِ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ) أَيْ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ كَبَيْعِهِ وَكَذَا الطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ.
(وَلَا) تَصِحُّ (إجَارَةُ مُشَاعٍ مُفْرَدٍ لِغَيْرِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُؤَجِّرَ (لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ) إلَّا بِتَسْلِيمِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَلَا وَلَايَةَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَصِحَّ كَالْمَغْصُوبِ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْعَيْنُ (لِوَاحِدٍ فَأَجَّرَ) رَبُّ الْعَيْنِ (نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الْمُؤَجَّرِ (صَحَّ؛؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ تَسْلِيمُهُ) إذْ الْعَيْنُ كُلُّهَا لَهُ، فَيُسَلِّمُهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ، ثُمَّ إنْ أَجَّرَ النِّصْفَ الْآخَرَ لِلْأَوَّلِ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَوَجْهَانِ (إلَّا أَنَّهُ يُؤْجِرَ الشَّرِيكَانِ) الْمُشْتَرَكَ (مَعًا) لِوَاحِدٍ، فَيَصِحُّ لِعَدَمِ الْمَانِعِ (أَوْ) يُؤَجِّرَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أَوْ لِغَيْرِهِ (بِإِذْنِهِ) أَيْ شَرِيكِهِ.
(قَالَهُ فِي الْفَائِقِ وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ) بِكَوْنِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فَقَدْ قَدَرَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَقَدْ يُمْنَعُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْإِجَارَةِ الْإِذْنُ فِي التَّسْلِيمِ وَأَيْضًا الْإِذْنُ لَيْسَ بِلَازِمٍ، فَإِذَا أَذِنَ ثُمَّ رَجَعَ صَحَّ رُجُوعُهُ، فَلَا يَتَأَتَّى التَّسْلِيمُ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّ الْعَيْنَ لَوْ كَانَتْ (