وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَهَائِمِ: أَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْهَا عَمَلٌ مِنْ وَضْعِ الثَّدْيِ فِي فَمِ الْمُرْتَضِعِ وَنَحْوِهِ، بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ وَلِلضَّرُورَةِ.
(وَلَا) يَصِحُّ (اسْتِئْجَارُ شَجَرَةٍ لِيَأْخُذَ ثَمَرَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْ عَيْنِهَا) كَالْحَيَوَانِ لِأَخْذِ لَبَنِهِ.
(وَنَقْعُ الْبِئْرِ) فِي الدَّارِ وَالْأَرْضِ وَنَحْوِهَا (يَدْخُلُ تَبَعًا لِلدَّارِ وَنَحْوِهَا) لَا أَصَالَةً قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ غَارَ مَاءُ دَارٍ مُؤَجَّرَةٍ فَلَا فَسْخَ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الْإِجَارَةِ.
وَفِي الْفُصُولِ: لَا يُسْتَحَقُّ بِالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُمْلَكُ بِالْحِيَازَةِ.
(قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْبِئْرِ لِيَسْتَقِيَ مِنْهُ أَيَّامًا مَعْلُومَةً، أَوْ) يَسْتَقِيَ مِنْهَا (دِلَاءً مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّ هَوَاءَ الْبِئْرِ وَعُمْقَهَا فِيهِ نَوْعُ انْتِفَاعٍ بِمُرُورِ الدَّلْوِ فِيهِ، فَأَمَّا الْمَاءُ فَيُؤْخَذُ عَلَى الْإِبَاحَةِ انْتَهَى) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُمْلَكُ بِالْحِيَازَةِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْهُ بِرْكَتَهُ لِيَصْطَادَ مِنْهَا السَّمَكَ مُدَّةً مَعْلُومَةً انْتَهَى وَهُوَ وَاضِحٌ إذَا لَمْ تُعْمَلْ لِلسَّمَكِ؛؛ لِأَنَّ هَوَاءَ الْبِرْكَةِ وَعُمْقَهَا فِيهِ نَوْعُ انْتِفَاعٍ بِمُرُورِ آلَةِ الصَّيْدِ وَالسَّمَكُ يُؤْخَذُ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَأَمَّا إذَا عُمِلَتْ لِلسَّمَكِ فَإِنَّهُ يُمْلَكُ بِحُصُولِهِ فِيهَا كَمَا يَأْتِي فِي الصَّيْدِ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِأَخْذِهِ لَكِنْ إنْ أَجَّرَهَا قَبْلَ حُصُولِ السَّمَكِ بِهَا لِمَنْ يَصْطَادُهُ مِنْهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً صَحَّ فَإِذَا حَصَلَ فِيهَا فَلَهُ صَيْدُهُ (وَيَدْخُلُ أَيْضًا تَبَعًا حِبْرُ نَاسِخٍ) وَأَقْلَامُهُ فِي اسْتِئْجَارٍ عَلَى نَسْخٍ (وَخُيُوطُ خَيَّاطٍ) فِي اسْتِئْجَارٍ عَلَى خِيَاطَةٍ (وَكُحْلُ كَحَّالٍ) فِي اسْتِئْجَارٍ عَلَى كُحْلٍ (وَمَرْهَمُ طَبِيبٍ) فِي اسْتِئْجَارِهِ لِمُدَاوَاةٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً (وَصِبْغُ صَبَّاغٍ) فِي إجَارَةٍ لِصَبْغٍ (وَنَحْوِهِ) كَقَلْيِ قَصَّارٍ وَقَرَظِ دَبَّاغٍ، وَلِصَاقِ لَصَّاقٍ، وَمَاءِ عَجَّانٍ.
(وَسُئِلَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ عَنْ إجَارَةِ بَيْتِ الرَّحَى الَّذِي يُدِيرُهُ الْمَاءُ؟ فَقَالَ: الْإِجَارَةُ عَلَى الْبَيْتِ وَالْأَحْجَارِ وَالْحَدِيدِ وَالْخَشَبِ، فَأَمَّا الْمَاءُ فَإِنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَيَنْضَبُ) أَيْ يَغُورُ (وَيَذْهَبُ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ إجَارَةٌ) لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ.
(وَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْفَحْلِ لِلضِّرَابِ) «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْعَسْبُ إعْطَاءُ الْكِرَاءِ عَلَى الضِّرَابِ عَلَى أَحَدِ التَّفَاسِيرِ وَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَاءُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ لَا قِيمَةَ لَهُ، فَلَمْ يَجُزْ أَخْذُهُ الْعِوَضَ عَنْهُ كَالْمَيْتَةِ (فَإِنْ احْتَاجَ) إنْسَانٌ (إلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَجِدْ مِنْ يَطْرُقُ لَهُ) دَابَّتَهُ مَجَّانًا (جَازَ لَهُ) أَيْ لِرَبِّ الدَّابَّةِ (أَنْ يَبْذُلَ الْكِرَاءَ) ؛؛ لِأَنَّهُ بَذْلٌ لِتَحْصِيلِ مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهَا، فَجَازَ (كَشِرَاءِ الْأَسِيرِ وَرِشْوَةِ الظَّالِمِ لِيَدْفَعَ ظُلْمَهُ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُطْرِقِ) وَهُوَ رَبُّ الْفَحْلِ (أَخْذُهُ) أَيْ الْعِوَضِ لِلنَّهْيِ السَّابِقِ، (وَإِنْ أَطْرَقَ إنْسَانٌ فَحْلَهُ بِغَيْرِ إجَارَةٍ وَلَا شَرْطٍ فَأُهْدِيَتْ لَهُ هَدِيَّةٌ أَوْ أُكْرِمَ بِكَرَامَةٍ لِذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ) ؛؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفًا فَجَازَتْ مُجَازَاتُهُ (