وأما قولك، فيه حظر، وهذا التكليف من الله سح [لا يكون] إلا على الحظر، شبه بين الحجج وفتن يوم المعجزات يوم المكلفون بتخليص بعضها عن بعض. ولا يقال ((إن خوار العجل، وإحياء الميت على يد عيسى، والدجال وإلقاء الشيطان في بلاوات الأنبياء، لم كانت؟ )) وهي تعريض بالشرك. ولهذا قال سح: {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض}؛ وقال: {إنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري}. وإنما كان تكليفًا لهم أن يخلصوا المعجزات والحجج من المتوهمات والتلبيسات والشبه والفتن، فيحصل للنكلف ثواب ذلك. فعلى هذا بنى التكليف.
وأما قولك إنه مع المبين، كالاستثناء مع المستثنى منه، فليس كذاك. لأن الاستثناء مع المستثنى منه لغة؛ ولغة القوم أنه جملة واحدة. فأما البيان مع المبين، فإنه تفسير. فوزانه من مسألتنا التفسير للأقارير.
وليس من شرط الإقرار أن يقع مبينًا، بل يقع بجملة ثم يفسر. ولأنا لو جوزنا تأخير الاستثناء، لكان فسادًا ضد ما ذكرنا في تأخير البيان.
لأن من طبع المقر بالجملة أن يلحقه الندم أو الاستدراك والبداء. فإذا جعلنا الاستثناء بالمستثنى منه لاحقًا، أفسدنا على الناس أموالهم وحقوقهم. وقد بينا في مسألتنا موقع الإجمال في باب التكليف وتوفير ثواب المكلف.