686 - [ ... ] إعلامه XXX لعلمه المقدار، ومن سلك به مسلك التعليم أو الإعلام. لم قلت إنه لا بد أن يقع جملة واحدة، ولا يقع المكلف فيه متدرجًا؟ وأحوال المكلف مع الشرع كلها على التدريج. ولذلك لم يوقع له العلم ضرورة به وبصفاته وبصحة الرسالة؛ بل أوجب عليه سلوك النظر والاستدلال والاستقراء؛ حتى أوقف إبراهيم نبيه وخليله يقول في النجم حيال استقرائه: {هذا ربي}؛ وتدرج إلى القمر، ثم الشمس، ثم قال: {وجهت}. وكذلك جاء بالحكم والأمر الذي يعلم أنه مؤقت لا مؤبد، فأطلق الأمر به إطلاقًا. ثم لم يكشف عاقبة النسخ للمكلف، وتركه على جهل من زمان الأمر ووقته ومقدار مدته. ولم يمنع ذلك تأخير بيان المدة والوقت، وهو ورود النطق الناسخ. وهذا أصلح للمكلف وأحسن لإظهار جوهره. والعرب افتخرت باعتناق الأمر والكلفة من غير بيان مقدارها وكيفيتها؛ فقال قائلهم:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... للنائبات على ما قال برهانا
لا يسألون عن السواد المقبل: ((هل هو ضيف، أم عدو؟ )) لأنهم قد أعدوا للأمور صدورًا واسعة. إن يكن الضيف، فالبذل والقرى؛ وإن يكن العدو، فالحرب طعنًا وضربًا عند اللقاء. فمدحوا نفوسهم بتوطينها على الأمور، سهلت أم صعبت.