فصرعني فسميته إسرائيل، بمعنى آسر الرب، لأن ((الإيل)) هو الرب في اللغة. لا يرقبون في مؤمن إلا. وقول إبي بكر فيما حكي عن مسيلمة من قوله عن الله ((يا ضفيدع بنت ضفدعين نقي لا تنقي)) والله ما خرج هذا من إل قط. وأما في كتابنا: {وجاء ربك والملك}، {يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه}، {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام}. في الأخبار: أين كان ربنا قبل أن خلق السماوات والأرض؟ كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكيف المخلص من هذه الظواهر؟
فأجاب حنبلي وقال: إن الله ابتلى بالتكليف للأبدان ما تطيقه، وإن ثقل عليها، من الأعمال الشاقة صوتًا، وصلاةً، وأغسالاً، وتحشيرًا في الأموال بما فرضه من الصدقات والكفارات، وإتعابًا للأجساد بالحج والعمرة، ومخاطرةً بالنفوس، واحتمالاً لوقع الأسلحة في جهاد الأعداء. كل ذلك طاعة لله، وإعلاءً لكلمة الله. ثم كلف العقول تخليص الاعتقاد من هذه المشكلات التي بددها في كتبه، وعلى ألفاظ رسله، بصرفها عن التجوير والتشبيه، بما وضع في العقول من وجوب تنزيهه عن التجوير في أفعاله والتشبيه في أوصافه. وما قنع لنا بمجرد ما توجبه العقول حتى جاء في كتبه بما يوجب حمل المشتبه بالتأويل على ما أوجبه من ذلك بالتنزيل. فقال: {ليس كمثله شيء}، {ولم يكن له كفوًا أحد}. فنحى من توهمات الضعفاء ما حصل من التشبيه. وقال: {وتلك حجتنا آتيناها