لربح، أو لمدرة وقعت فيه فتحرك بها، وإذا تقابلت أمارة توجب النجاسة وأمارة تنفي النجاسة، فقد تيقنا حصول نجاسة في أحدهما. واستعمال الماء النجس في الطهارة لا تنتجه الضرورة. وكذلك المساليخ والأطعمة كلها. وكان إلحاقه بالإبضاع والدماء أشبه من إلحاقه بالمأكولات والمشروبات والقبلة التي تبيح الضرورة العدول عنها؛ بل الحاجة التي هي دون الضرورة وهي الصلاة على الراحلة نافلة.
قال الشافعي المستدل: أما ترك الأخذ بالأمارة التي ذكرناها، فهي الغلبة على الظن كون الكلب شرب من ذلك الإناء. وأما التجويزات المطلقة، فلا تقابل الظنيات الحاصلة عن الأمارة. وهل حكمنا بنجاسة الماء يجيز العدل إلا بإمارة وهي تضرعه بخلال الخير وتظاهره بها؟ وهل حكمنا بأن زيدًا مات لأجل صراخ سمع من داره وتخريق جيوب أهله إلا لظن حصل بتلك الأمارات؟ لا يندفع ذلك بأن يقول قائل ((كم من إغماء ظن أهله أنه موت، ولم يكن موتًا؟ )) ولعل تخريق الغلمان لملاكمة وخصومة حصل بينهم، وكان الصراخ لأجل ذلك. فلا تسقط الإمارات المغلبة على الظن لأجل هذه التجويزات المستبعدة غالبًا. ومتى طلب في تجويز الإقدام على استعمال الماء الأقصى الاحتياط؟ والنبي صلع يقطع لسان الإعلام عند الاستعلام؛ فيقول للراعي، لما سأل أصحابه عن الماء ورده سبع، ((لا تعلمهم)) وقال عمر لما سألوا عن ماء الميزاب: ((يا صاحب