فنونًا، وخالطت منهم أعيانًا، بين وزراء وأرباب مواكب ومناصب. واختلفت على الأزمان في جدب وخصب، ورخاء وضيق. فبين معطٍ عند السؤال أحسن نوال؛ وبين منعم بالتلويح، فيغني المحاويج عن التصريح؛ وبين محوج إلى المعاودة، ودافع للسائل إلى المراجعة؛ وبين محوج إلى الإلحاح والمنازعة، وبين حازم لا تحتك فيه إلا المصاولة بالمخاصمة. ولم أشهد من سلك طريقة في الجود والإحسان، بحسب أحوال الزمان، من غير سؤال، ولا تعريض لطلب نوال، إلا الشيخ الأجل السعيد أبو منصور بن يوسف، وظهير دولة المستظهر بالله إمام المسلمين أبي طاهر يوسف. فإن الأول كانتمباره، أيام الأنداء والأمطار، بالأحطاب والأدهان والدثار؛ وله على ذلك أصحاب أخبار، وفي شهر الصيام بالأطعمة للإفطار، وفي الأعياد لكل عيد ما يليق من الكسوات، مع الفطرة للفطر، والحيوان للأضحى.
وهذا الكريم مجد الدين ظهير الدولة إن أطل ملم واسى، وإن هجم مرض أسى. وإن أطل شهر صيام فتح بابه، وكشف حجابه، للإفطار على طعامه، وأنفذ إلى ذوي التجمل ما يكفيهم وعيالهم من أطايب طعامه. وإن ينصف شهر الصيام تصدق وأهدى صنوف الحلاوات، ووزع قراطيس الدنانير إلى من لا يليق بحاله الإهداء. وإن قطعت الغيوث عن