لما حسن في الشرع توبيخ وتعنيف على فعل. إلا أن يكون قد سبق به أمر من الشرع فترك، أو نهي ففعل. فلما قال: {أتعبدون ما تنحتون}؛ {أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين}، {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً جسداً له خوار}، {ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلاً}، فهذه كلها توبيخات عقلية؛ فوبخ الشرع أرباب العقول التي سبق فيها القبح والحسن. وقوله: {أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به}؛ وهذا توبيخ على ترك التحرز من المضار، وهو من قضايا العقول. وقوله: {وإن يك كاذباً فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم}؛ كل ذلك إيجاب التحرز؛ وما أوجب التحرز إلا العقل.
608 - قال حنبلي في تفضيل اجتهاد الأواخر على الأوائل: هاتم حتى نشرع في تخليع هذه المسألة، فنقول: هل يحسن في العقول أن يمتن الرسول صلع على عباد الأصنام من الجاهلية، فيقول: ((انا الذي استنقذتكم من الحجارة والشجر، ودعوتكم إلى عبادة الله تع الصافية من كل شرك بشوب وكدر؛ أنا الذي نبهتكم على تقبيح عبادتكم لما تجنته أيديكم، وصورته جوارحكم، وقد كان الأقرب أن تستعبدوا ما صنعتم؛ فأما أن تعبدوا وتتضرعوا لما صنعتموه فقبيح نبهتكم عليه! )) ولا يحسن