من أن تدعهم عالة يتكففون الناس. فلحظ حال كل منهم، ورضي منهم بما علم من حاله.
فإذا كان النبي صلع يكلم الناس على قدر أحوالهم، نظراً إلى مصالحهم، فمن يعلم أن الإقلال يسخطه فيفسد دينه، يقنع منه بترك بعض ماله، أو ينهاه عن إخراج جميع ماله، كيلا يعود ذلك بوباله. فما ظنك بقسم الباري الأرزاق بين خلقه بحسب ما علم من أحوالهم. وقد نص على ذلك بقوله: {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدرٍ ما يشاء}. ثم لم يقتصر على إطلاق المشيئة حتى عقب ذلك بقوله: {إنه بعباده خبيرٌ بصيرٌ}. ووصفه لنفسه بالبصارة والخبرة يعطي أن القسمة بحسب ما علمه من الأصلح توسعةً أو تقتيراً أو توسطاً. وأمر بالإنفاق على قدر الأصلح، فقال سح: {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط}. ثم بين علة النهي، فقال: {فتقعد ملوماً محسوراً}. فالملامة على التقتير كالملامة على التبذير. لأن التقتير يحصل به منع الحقوق؛ والتبذير يورث الأسف والحسرة والتسخط على الرازق؛ وذلك بين تفسيق وتكفير.
589 - قال واثلة بن الأسقع وقد سأله مكحول عن حديث يحدث به عص، فقال: إنا كنا تركنا أن نتحدث حتى سمعنا النبي صلع يقول: ((لا