الشرع قصد إحرازه. وإنما طرح الكفن ضرورة لأجل الشرع. والحرز ما اصطلح الناس عليه للحفظ، لا ما اصطلحوا عليه للترك. وترك المال فيه ضرورة لا يجعله حرزًا، كترك الثياب على الميت لم يجعله حرزًا. ومعلوم أن الحي حرز لسترته، إذا نام فيها؛ فإذا كان حاجة الأحياة إلى تكفين الموتى أباحت ترك الثياب عليهم، ولم تجعلهم كالأحياء أحرازًا، كذلك ما كانت الحاجة تدعو إلى ترك هذه السترة في القبر لا تجعله حرزًا. ولا فرق بين صحة هذا أن بدن الحي وبيته سواء في الإحراز، فليكن بدن الميت وقبره سواء في عدم الإحراز. وهذه شبهة جيدة.
قال حنفي: فضيلة لا تمنع استيفاء القود؛ فلا تمتع إيجابه؛ كفضيلة العلم.
قال له شافعي: الاستيفاء فضيلة طرأت على وجوب العقوبة واستحقاقها. وفرض بين فضيلة تطرأ على الحق وبين الفضيلة قبل إيجاب الحق، بدليل الإسلام بعد الاسر لا يمنع الاسترقاق، وقبل الأسر يمنع الاسترقاق. والزيادة الحادثة في المبيع تدخل في البيع.
قال له الحنفي: معلوم أن القصاص موضوع على المساواة والمقاصة. فإذا كان وجوبه لا يحصل مع كون القاتل مسلمًا استيفاؤه أيضًا، يجب أن يمنع، لأنه يكون حيفًا في الاستيفاء. وهذا بمثابة فضيلة الإسلام منعت ابتداء النكاح. وإذا طرأت منعت استدامته إلى جال وجوبه. هذا