عمدًا، أو إذا ارتد. والحيوان البهيم بخلاف ذلك. لأنه لا اختيار له؛ ولا وجد من السيد معنى أباح ذلك.
قال الحنبلي: اختيار العبد أيضًا الذي هو القصد فارق به البهائم. لأن لها اختيارًا ما، لكنه ليس باختيار كامل؛ فهو كاختيار الطفل والمجنون والمكره. ولهذا سقطت به حرمة الصيد إذا صال على المحرم، حتى أسقط المالية التي فيه. ولم نقتنع في صياله ودفعه برفه المأثم إذا آل إلى قتله؛ بل أسقطنا ضمان المكفر، وهو ضمان مالية. فأما العبد، وإن كان له اختيار، فليس له بذلك الاختيار حكم إسقاط مالية السيد. ألا ترى أن السيد، إذا قال لأجنبي ((اقتل عبدي))، فقتله، سقطت المالية، ولم يستحق ضمانًا؟ والعبد لو قال لغير سيده ((اقتلني)) لم يسقط ضمان ماليته، ولا المأثم الذي تعلق على فعل الجاني عليه، ولا حق السيد سقط بإذنه في قتله، ولا حق الله سح. فصار اختياره كلا اختيار في هذا الباب، وهو إسقاط حقوق غيره فيه. لم يبق إلا ما ذكرت أنا. وهو أن المالية التي في الحي تكون تبعًا لحرمة الحي. فمتى سقطت حرمة الحيوانية، تبعها المال؛ فصار ساقط الحرمة، لا ضمان في إتلافه.
وعلى هذا يخرج ما ذكرت من ردته وقتله عمدًا. فإنه أسقط حرمة الحيوانية في حق العبد، فاستحقت نفسه، حيث كفر نعمة المنعم الأول سح، وحيث أتلف نفسًا استحقت بها نفسه. وينكشف ذلك فيما هو أوضح. وهو أن المالية المنفردة عن حرمة حي تسقط في حق الغاصب،