خرج الإجماع عن حكمه الذي هو تفسيق مخالفه، صار في حيز مذهب فقيه. واجتماعهما على مذهب لا يكون حجة. فإذا بان تبدل بهذه القاعدة، خرج عن أبي يكون مستصحبًا للإجماع، واحتاج إلى دليل على هذه المسألة. وما دل إذًا.
459 - استدل حنبلي في مسألة الجد، وأنه لا يسقط الإخوة، بأن الأخ والجد تساويا في قرابة الأب والإدلاء إليه. فهذا يقول ((أنا أبوه، )) وهذا يقول ((أنا ابنه.)) فوجب أن لا يسقط أحدهما صاحبه.
فأجاب حنبل ناصر لمذهب أبي حنيفة: في الجد أبوة. من ذلك إرثه بثلاث جهات، كالأب؛ حتى إنه مع الابن، إن سقط عن تعصيبه، لم يسقط عن استحقاقه بفرضه، ويسقط الإخوة، والأخوات للأم؛ والإخوة للأب لا يسقطون ولد الأم. وذكر أحكام الأبوة من امتناع القود، والقطع في سرقة ماله، وامتناع شهادته له، وغير ذلك.
قال: ذاك علته الإشفاق.
قال له المعترض: فالإشفاق إشفاق أبوة؛ وإذا تساويا في علة الأحكام، كان أكثر من تساويهما في الأحكام. فهذا تقريب، لا فرق في المعنى. وإذا قرب من الأب، بعد الأخ منه. بطل ادعاؤك لتساويهما.