قال حنبلي مذنبًا على متفقه حنفي: أنا قائل بموجب هذا الدليل؛ وإنني ما استعملت إلا ما فيه معنى النكاح. فأقول أولًا: إن ما عولت عليه من أن النكاح الاجتماع والائتلاف، ليس بصحيح. لأنه لو صرح فقال ((جمعت هبتي إليك، وشفعتها بك، وشركتها معك)) فقد أتى بصريح الاجتماع والتشريك، ولا ينعقد النكاح. فصار لفظ الازدواج خلوًا مما أردت. لم يبق إلا أن وراء ذلك مقصود العقد. وهو إما ملك الرقبة، أو ملك المنفعة، أو الحل. وأيها كان فهو داخل في لفظ الهبة، لأن ملك الرقبة حاصل، ويتبع ذلك حلها. وملك منافعها ملكًا يزيد على النكاح. وهو أنه يستمتع بنفسه، ويأخذ العوض عند إتلاف المنفعة، ويعقد عليها. فثبت القول بموجب العلة، وأن في لفظ الهبة معنى النكاح.
قال الشافعي: في النكاح معنى التعبد. لهذا اعتبر له الشهادة، ويقدر العوض عندك. ووجب حكمًا، وإن لم يسم. واعتبر له الكفاءة، إما شرطًا، وإما اعتراضًا، لأجل العشيرة. وجعل ذلك تغليبًا لطلب المساواة.
قال الحنبلي: ذكرك للتعبد بعد تعويلك على اللغة رجوع عن الأول، أو زيادة في الدليل. وهذا انتقال في حكم الجدل. وأما تعويلك على المساواة، فليس بصحيح. لأن المغلب في حق الزوج حكم المالك. ولهذا جعل إليه الإزالة، وانفرد بها دون العقود الجائزة، كالشركة والمضاربة؛ وجعلت النفقة عليه وله؛ وله المطالبة بالاستمتاع وليس لها. وهذه كلها