فاستوى مباحه ومحظوره في نشر الحرمة، كالرضاع.
قال شافعي: ليس الفعل في الرضاع هو المحرم. بدليل أن الصبي لو دب إلى يدي مجنونة أو نائمة فارتضع منها، نشر الحرمة. وإن كان فعل الطفل لا حكم له، والمجنونة والنائمة لا يضاف إليهما فعل، لكن المغلب في الرضاع حصول اللبن في جوف الصبي في الزمان المخصوص. ولو غلب الفعل، لكان جميع ما نقدمه من غصب اللبن وإكراه الظئر هدرًا. لأنه ينتهي إلى ارتضاع الصبي؛ وفعل الصبي لا يوصف بالخطر والإباحة. بخلاف الوطء؛ فإنه فعل، ويتصف بالتحريم والإباحة. ولأن الرضاع لا يقف على المقصود عندك، حتى إن لبن الميتة عندك يحرم والوطء يقف على المقصود؛ لأن وطء الميتة لا ينشر الحرمة.
قال الحنبلي: إذا حققنا عليك، فاللبن هو المحرم. لأن الشرع علقه على نشر العظم ونبت اللحم وفتق الإمعاء. وذلك فعل اللبن، دون الشارب والمرضعة. واللبن نفسه إذًا كان نجسًا محرم العين، وقد نشأت عنه الحرمة.
قال حنفي: طاهر؛ لم تسلب الماء اسمه، فلم تسلب حكمه؛ كالعود.
قال شافعي: إلا أنه سلبه إطلاقه، والعود لا تنتشر أجزاؤه، بل يغير ريح الماء مجاورة لا ممازجة.