فأجاب حنبلي بأنك أبعدت بين الشبهتين. لأن دوام العقد هناك تأكد، حتى تخلف عن المدة مراعاة لحق العقد وما استند إليه من المدة لأجل العرق الثابت به. فكيف يحصل هذا موجبًا لفسخ العقد قبل تمام المدة مع تهيؤ العين المستأجرة لاستيفاء ما عقد عليه من منافعها؟
قال الحنبلي: ولأن المستأجر لا يجد عن الأرض المستأجرة بدًا؛ لأن ما بقي على الغلة من التمام والنماء لا يجده في أرض أخرى بتفرعها عنه بل بقلة إتلافه؛ فبقينا المال لأجل الخوف عليه. وفي مسألتنا، له في العين المستأجرة ما عقد عليه، وغيره بذل عنه في اللبس والركوب والإجارة من غيره. وليس من تمام انتفاع العين أن يكون هو المستوفي؛ بدليل أن حال الصحة لا يتعين الاستيفاء به. ومن تمام الانتفاع بالأرض المستأجرة للزراعة أن يكون إبقاء المنفعة وتمام الزرع بها. ولأني لا أقول ببقاء الأرض المستأجرة، لكن تكون في يده أمانة. ولهذا تكون الأجرة فيما يبقى بعدة المدة أجرة المثل، زادت على المسمى الأول أو نقصت. وهنا ليس من أحكام العقد. ونحن كلامنا في العقد هل يفسخ أم لا. وبقاء الزرع بعدة المدة ليس مخالفًا لموجب العقد؛ لأن موجب العقد بقاء الزرع في الأرض بالعقد؛ وليس بباق عندنا بالعقد، ولكن بحكم أنه مال مشغول بمال الغير لا على وجه التعدي.