437 - فصل
لو لم يكن من بركات مجاهدة النفس في حقوق الله، والانتهاء عن محارم الله، إلا أنه يعطف عليك فيسخرها لك ويطوعها لأمرك حتى تنقاد لك، ويسقط عنك موونة النزاع لها والمجاهدة حتى تصير طوع يدك وأمرك، تعاف المستطاب عندها إذا كان عند الله خبيثًا، وتوثر العمل لله وإن كان عندها بالأمس كريهًا، وتستخفه وإن كان عليها ثقيلًا، حتى تصير رقًا لك بعد أن كانت تسترقك. وكذا كل من حقق العبودية لسيده استعبد له من كان يملكه، وألان له ما كان يعجزه. قال سح: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}، بعد إخباره {وأحضرت الأنفس الشح}. فقد أبان عن أن له أقوامًا يوفيهم ويقيهم ما أحضره النفوس. وقال: {وأصلحنا له زوجه}. وهو الذي قال: {إن من أزواجكم وأولادكم عدوًا لكم فاحذروهم}. ما أبرك طاعة الله على المطيع! قوم سخر لهم الرياح والمياه والحيوانات؛ وقوم أعاق عليهم الحوائج، وكسرها في صدورهم، وجعل كرامتهم مسامحة النفس بما أعاق. وربما علت طبقة أقوام، فتلذذوا بالقضايا والأحكام.