فقال حنبلي ينصر أصح الروايتين عن أحمد، فقال: الصوم عبادة تنقسم نفلًا وفروضًا وقضاءً وأداء؛ فافتقر إلى تعيين النية، كالصلاة.
فقال له حنبلي يحقق ما يقول: أنت سئلت عن صوم رمضان في حق المقيم السليم. وهذا الصوم المسؤول عنه لا ينقسم. فكيف تعلل لأصل الصوم وأنت مسؤول عن نوع من الصوم مخصوص؟ فما مثلك إلا مثل من سئل عن كفارة صوم رمضان، فعلل لأصل الكفارات؛ أو عن حد القذف، فعلل لجنس الحدود. على أنه حيث انقسم واحتمل التردد احتاج إلى التعيين، عند أبي حنيفة. فكل صوم كان بالصفة التي ذكرت من انقسامه وتردده كان لأجل ذلك التردد والانقسام مفتقرًا إلى نية معينة؛ كصوم القضاء والكفارة والنذر. والعلة منتقضة بالحج. فإنه عبادة تنقسم إلى فرض ونفل وقضاء وأداء، ولا تفتقر إلى تعيين النية. وأما الصلاة فإنها انقطعت عن هذه العبادة من جهة أنه ليس لها وقت تتعين فيه تعيينًا لا يصح فيه، حتى لو ضاق وقتها فأتى فيه بالنافلة صحت.
قال الحنبلي على هذا الأخير: لا أسلم؛ لأنه يكون كالغاصب للوقت