غير العقد، وهو الوصف؛ ولم يقدح في الأصل. وهذه موازنة صحيحة. وهي أن النهي إنما يعدم الوصف ولم يعدم الأصل. فأعدم الوصف، ولم يعدم الأصل.
اعترض عليه حنبلي فقال: إن هذه الموازنة تعطي أن ينقطع الشرط عن العقد، كما قال أحمد صاحبنا في إحدى روايتيه. فأبطل الشرط ونفى العقد على أصل الصحة. فأما أن يقول بأن النهي صدم الشرط فأبطل الوصف، فلا وجه له. على أن أصول الشريعة لم تعتمد هذه الموازنة؛ بل جعلت العوارض من الأوصاف مبطلة للعقود مخرجة للعاقدين والمعقود [عليه] عن أهلية الصحية. فالعصير أصل والصيد أصل في باب المالية وأهلية العقد، والآدمي أصل في صحة العقد والتملك والتمليك. جاءت أوصاف غيرت الأصول. فالتخمير جعل العصير كالبول؛ والدم والصيد صار بدخوله الحرم كالخنزير في امتناع أهلية العقد؛ والإحرام إذا طرأ على المحل جعله كالميت بالإضافة إلى امتناع ابتياع الصيد؛ وكذلك الكفر بالإضافة إلى نكاح المسلمة كالميت أو البهيمة. وإذا كانت الأوصاف العارضة على الأصول الثابتة، وهي الآدمية في العاقدين، والجواهر المنتفع بها في المعقود عليه، تجعلها كأنها عدم، فلا وجه لاحتقار الوصف. وكيف تقول ذلك ((والأعيان لا تصير مالًا إلا بالصفات، ولا تنعدم ماليتها إلا بخروجها عن الصفات المخصوصة؟