أجاب الحنبلي: وأي انعقاد حصل والشرط ما تم، وهو مرور الحول على المال؛ وإنما هو مراعى. فإن تم الحول، وهو تام في الحول، علمنا أنه كان انعقد الحول على النصاب. وإن لم يكمل الحول على نصاب تام تبينا أنه ما انعقد. وما ذلك إلا بمثابة اختلال شروط الصلاة ((في إثباتها، واختلال شروط العقود قبل تمامها. وقولك إن الاختلال حصل إقرار منك بأن السبب حصل ثم اختل، كلام لا يلزم. لأن السبب قد يسمى سببًا بظاهر دوام شرطه؛ مثل قولكم: قد وجد السبب في أول الحول. وإن كان موقوفًا على أن يكون تامًا في آخر جزء من أجزائه، فكل ما يصح به قولكم من وجود السبب، وهو كمال النصاب في أوله مترقبًا به تمامه في آخره، يصح به قولنا إنه وجد السبب في أوله بشرط دوام التمام في جميع الحول ودوامه.
وأما قولك ((لماذا يعتبر تمام النصاب في الوسط مع تكامله في الطرفين حال الانعقاد وحال الإخراج، )) فهذا عندي من أعظم الغفلة. فإن الفقيه إذا تأمل وضع الزكاة رأى أن الشرع عني بأرباب الأموال باعتبار مقدار من المال يحصل به الغناء ويحتمل المؤاساة. ثم اعتبار صفة يكون المال عليها ناميًا؛ وهو التجائر في العروض والمواشي النامية بذاتها دون الأموال التي لا نماء لها ولا هي مرصدة للنماء. ثم لم يكفه ذاك كله حتى اعتبر قلة المؤنة. فتارة أسقط الزكاة لمؤنة العلف، وتارة قلل الزكاة للمؤنة والكلف، بحيث أوجب نصف العشر في الزرع والثمر. فإذا كان على