الرأي. فإن المشورة أمر بها القرآن، واتفق العقلاء أجمع على الاجتماع لها والمشاركة فيها. والثاني الإمارة والملك، لا يتم صلاحه ويؤمن فساده إلا بالوحدة. والقرآن شهد بذلك حيث قال: {لو كان فيهما آلهةٌ إلا الله لفسدتا} وقال قائلهم يوم السقيفة، لما قالت الأنصار ((منا أمير ومنكم أمير)): ((سيفان في غمدٍ لا يصطلحان أبدًا)).
قال حنبلي: الصبي من أهل المؤاساة في ماله، بدليل نفقة الأقارب، فكان في مؤاساة أهل دينه كذلك، لقرب ما بين الدين والقرابة من جهة الرحم.
قال له حنفي: أنا لا أمنع معنى المؤاساة في صرفها، لاعتبار الحاجة والفقر الذي هو أهل للمؤاساة. لكن المغلب التعبد، لأنه مال يستحقه الله سح. ولذلك نعتبر له إخلاص النية، ويتعقب ذلك التطهير، بقوله: {تطهرهم وتزكيهم بها}. والتطهير فعل الله وهو نفع ديني لا يتحصل إلا من الله وهو سابق لنفع النفقة. لأن التطهير يحصل بالدفع، ولو إلى ساعي الإمام. ثم يتعقب ذلك نفع الفقراء بالإغناء ورم الشعث. فدل على أن المغلب التعبد. فإذا كان هذا هو المغلب، بطل التعلق بالمؤاساة لكونه من أهل المؤاساة، ووجب إخراجه منها لخروجه من أهل التعبد الذي قد بينا أنه هو المغلب دون المؤاساة.