إلى الإجبار. وما لم يستأصل فيه الأمم، بل بقوا بعده، كان من معجزات الأنبياء صلعهم، ليبين صدقهم فيما وعدوا به الأمم.
وأما قولك إن الذمة حقنت الدم مع الكفر ضرورة، فأي ضرورة ألجأت إلى إدخال المشركين إلى بلادنا، وصرن نساؤهم زوجات لنا؟ ما ذلك إلا لأجل الانتفاع بالجزية وكثرة الأرباح بمعاملاتهم والتجائر. ولذلك قال - سبحانه وتعالى-: (فلا تدخلوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله). دل على أن دخولهم كان لأجل التجائر والأرباح. فلما صان البقعة عنهم، ضمن خلف ما يفوت منهم وبهم.
قال الحنبلي المعترض: ومما يشهد لما ذكرت، وأن الكفر ليس بعلة لكن الحراب علته، أن الكفر يعم الصبيان والنساء والشيوخ العتاة والعميان. فلا يقتل إلا الشباب والمتهيئين للقتال. حتى أرباب الآراء في الحرب من الشيوخ، لما كان لهم تأثير في الحرب، قتلوا. فإذا جئنا إلى ما عللت أنا به للقوم من الحراب، متى وجد من النساء والعبيد والمشايخ والعميان، قتلنا الكل ولم نحترم مع الحراب لأحد. وصار الحراب كالصيال الذي تسقط فيه موازين المكافأة. فنجوز للابن مع أبيه، والعبد مع سيده، أن يدفعه، ولو أفضى إلى قتله، وإن كان بعد القتل تظهر الموازنة وإلغاء المجازفة.